عدد اليوم
محمد نجيم (الرباط)
يواصل الباحث والأكاديمي الجزائري الدكتور مختار زواوي النبش في كتابات وآثار اللساني الفرنسي الشهير فيرديناند دو سوسير، فبعد كتبه: «دو سوسير من جديد»، و«مدخل إلى اللسانيات»، و«من المورفولوجيات إلى السيميائيات»، و«مدخل إلى فكر فرديناند دو سوسير، اللسان والإنسان»، و«موقع الفرد المتكلم من لسانيات دو سوسير»، ها هو يترجم كتاباً جديداً له بعنوان «في جوهري اللغة».
ووصف المترجم هذا النص بأنه نص يمتاز بهيئته ومضامينه، أما هيئته، ويعني بها الجنس الأدبي الذي يمكن ردّه إليه أو تصنيفه فيه، فإنها أقرب إلى المصنفات العلمية التي تتوالى فقراتها، متخذة شكل التعريفات الوجيزة منه إلى المؤلًّفِ تأليفاً محكم الأبواب والفصول، وأما مضامينه فإنها، خلافاً لمضامين كتاب المحاضرات في اللسانيات العامة الذي يعتريها الشتات، تحكمها فكرة رئيسة، تتفرع عنها مسائل ثانوية محكمة، مرتبطة فيما بينها ارتباطاً سديداً، على الرغم من خصيصة عدم الاكتمال التي تتخلل بعض الفقرات.
ويشير الدكتور مختار زواوي، في مقدمته لهذا العمل، إلى أن ترجمة هذا الكتاب إلى اللسان العربي، لم تكن مغامرة فكرية يسيرة خالية من الشِّراك المصطلحاتيّة، فالنص يعود تأليفه استناداً إلى ما أقره عنه عدد من اللغويين المعاصرين، إلى تسعينيات القرن التاسع عشر، وهو ينتمي إلى عصر باتت تفصلنا عنه مسافة زمنية معتبرة، شهدت اللسانيات وفلسفتها، وفلسفة اللغة ونحوها، خلالها تحولات جذرية صاحبها تحول عميق في الجهاز المصطلحاتي الذي تعاملت به كل هذه المواد، من أجل التعبير عن مختلف الوقائع اللغوية. ونحن إذ نشير إلى كل هذه المواد، فذلك لأن النص الذي بين أيدينا ليس نصاً لسانيّاتياً معهوداً، ولا هو يستعيد أشياء من مفهوم لسانيّات عصره، حتى يكون من اليسير تمثله في إطار الجو الفكري الذي كان سائداً آنذاك، لا ليس الأمر كذلك، إنه نص تشيع فيه عبارات الفلسفة، والسيميائيات، والمنطق، والرياضيات، وتتخللها مصطلحات لسانيّة مبتكرة، أصيلة، تقيم بينها وبين ما كان سائداً في زمانها مسافة نقدية فاصلة.
