من مؤتمر «برلين» في21 يناير الماضي، إلى الاجتماع الخماسي في 11 مايو الجاري، فرَّت ليبيا إلى الاستقرار، لكن إلى أي مدى تحقق هذا الأمر؟ فبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على انعقاد مؤتمر برلين، أصبح الواقع الليبي أكثر سخونة، بعد أن ذاق البلد مرارة الصراع الدموي الملتهب وفق كل الموازين الحربية في جانبها الأهلي. لقد تحولت ليبيا في غضون أسابيع قليلة إلى أكبر مخزن للسلاح غير الخاضع للرقابة في العالم قاطبة، ومن دون منافس، وذلك حسب تقرير للأمم المتحدة، وفي بقعة لا تحتمل المزيد من صب الزيت على النار التي لم تخمد بعد، حيث قُدرت زنة هذه الأسلحة بين 150 ألف طن و200 ألف طن.
استمرت الأزمة في ليبيا، وعادت الحرب من جديد للاشتعال، فكم من الزمن يحتاج الآن الوضع للتخلص من هذا المخزون المرعب والملتهب؟!
بالمقابل، هناك جهود حثيثة وصادقة تُبذل من قبل الدول الشقيقة لنزع فتيل هذا البركان، ومن ذلك ما غرد به قرقاش عن مشاركته في اجتماع المتابعة الوزاري لمؤتمر برلين حول ليبيا في ميونيخ قائلاً: «نعمل مع الأصدقاء والشركاء للوصول إلى حل سياسي، يعالج خطر التطرف والإرهاب، ونؤمن بأن الدور العربي ضمن الجهود الدولية في ليبيا حيوي وضروري».
ومن المهم بمكان أن نعرج على أبرز النقاط التي خرج بها المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم الجيش الوطني الليبي:
- البيان الخماسي لمصر والإمارات وفرنسا واليونان وقبرص يؤكد أن ما يقوم به الجيش الوطني الليبي هدفه حماية ليبيا وتحقيق الاستقرار في المنطقة، ويعتبر وثيقة يؤكد على محورية دور الجيش الوطني الليبي في محاربة الإرهاب.
- البيان الخماسي يعتبر بمثابة اعتراف دولي بشرعية الجيش الوطني الليبي.
- أحلام أردوغان التوسعية ستنتهي في ليبيا وأن قصف السفارة التركية من قبل المليشيات لتشويه صورة الجيش مسرحية مكررة رأيناها من قبل في بنغازي ودرنة
-نستغرب تجاهل الأمم المتحدة للأعمال العدائية التركية في بلادنا، وأنها لا تنقل إلا وجهة نظر جماعة الإخوان الإرهابية.
لقد تزايدت خطوط الاشتباك في ليبيا من بعد مؤتمر «برلين»، أكثر مما كان واقعاً ملموساً من قبل.
يبدو أن صوت السلاح وليس السلام وحده هو الناطق الرسمي في الساحة الليبية المضطربة، والذي على ضوئه، قالت وكالة الأنباء الإيطالية «NOVA»، إن أحد بحارة سفينة الشحن «بانا» تقدم بعد رسوها في ميناء جنوة الإيطالي إلى مركز الشرطة في الميناء، بطلب للحماية واللجوء السياسي مقابل سرد تفاصيل ما شاهده أثناء إقامته على متن السفينة، التي ترفع العلم اللبناني، بشأن تجارة أسلحة غير قانونية بين تركيا وليبيا.
ولقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن عدد «المرتزقة» المجندين من قبل تركيا للقتال في ليبيا ارتفع إلى نحو 11 ألف، وكشف موقع «إيطاليا رادار» العسكري استمرار وصول الطيران التركي إلى غرب ليبيا، محملاً بشحنات أسلحة ومرتزقة ومقاتلين، ولم تسلم المساعدات الإنسانية من القصف، حيث إن طائرة تركية مسيرة قامت بقصف طائرة محملة بالمعدات الطبية وأدوية لفيروس كورونا في مدينة ترهونة بليبيا، ولقد أعربت الحكومة الليبية، المنعقدة في مدينة بنغازي شرقي البلاد، عن تقديرها لجهود الاتحاد الأوروبي بإطلاق عملية «إيريني»، لمراقبة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا ومنع تدفقها بطرق غير مشروعة.
وأعلن مدير إدارة الإعلام الخارجي للحكومة الليبية أن «هناك دولاً خاصةً تركيا لا تزال تخترق قرارات حظر توريد الأسلحة، وتقوم بتزويد الميلشيات المسلحة والإرهابية بمختلف أنواع الأسلحة».
وخلاصة الاجتماع الخماسي، نأخذها من تغريدة على تويتر لمعالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، مفادها أن: «الاجتماع الخماسي الذي دعت له مصر الشقيقة، وشاركت فيه فرنسا واليونان وقبرص والإمارات، والبيان الصادر عنه رسالة دبلوماسية متزنة وثقل الدول المشاركة وسعيها إلى تغليب الاستقرار، وتغليب القانون الدولي لا يمكن تجاهله.. منصة تأسست من خلال تغليب لغة القانون الدولي على قوانين الغاب».
*كاتب إماراتي