تولي دولة الإمارات العربية المتحدة التعليم اهتماماً كبيراً، حيث تعتبره أساس التطور الذي تشهده، والركيزة التي تستند إليها في تحقيق رؤيتها، بأن تكون في مصاف الدول المتقدمة بحلول الذكرى الخمسين لتأسيسها، وقد قامت الدولة بوضع استراتيجيات شاملة وتبنّي سياسات متقدمة، من أجل النهوض بهذا القطاع إلى مستويات عالية، وحرصت على توفير الكوادر البشرية القادرة على تحقيق طموح القيادة ورؤيتها، في أن تكون الأفضل عالمياً بحلول الذكرى المئوية لقيام الاتحاد، حيث توسعت في المؤسسات التعليمية، ووفرت لها كل الإمكانات، بما فيها أحدث الأجهزة والوسائل التعليمية التي وصل إليها العلم الحديث، كما عملت على استقطاب أفضل الكفاءات العلمية والأكاديمية من مختلف دول العالم، حيث تعد الإمارات في طليعة الدول المستقطبة للكفاءات عالمياً.
كما أن هناك اهتماماً متزايداً بالبحث العلمي، حيث خصصت الدولة ميزانية ضخمة من أجل الارتقاء بهذا المجال، وذلك من منطلق الإيمان بدوره في التطوير والتحديث الذي تسعى إليه، وخاصة في مرحلة ما بعد النفط، ولا شك أن هناك إنجازات كبيرة تحققت في مجال التعليم، حيث أصبح العديد من جامعات الدولة ضمن الأفضل في المنطقة، وتحتل مواقع متقدمة في التصنيفات الخاصة بالجامعات في العالم.
ومع ذلك، فلا تزال هناك حاجة للكثير من العمل، فطريق العلم في الحقيقة طويل وشاق، ويحتاج دائماً إلى التحديث، وهناك فرص كبيرة من أجل تحقيق رؤية القيادة الرشيدة بأن يكون التعليم قاطرة التقدم الذي تسير فيه، والتفوق الذي تسعى إليه، ولكن هذا يحتاج إلى جهود الجميع، وفي هذا السياق يقع على عاتق القائمين على التعليم مسؤولية كبيرة، وفي مقدمة هذه المسؤوليات ضمان تطبيق النظم واللوائح والقوانين التي تضمن سير العملية التعليمية في كل مؤسسات التعليم العام والخاص، المدرسية والجامعية، بشكل صحيح، وبما يخدم أهداف التنمية المستدامة.
ومن المعروف أن الجامعات والمؤسسات التعليمية بشكل عام تقوم على منظومة قواعد حديثة ومتطورة، بما يضمن تحقيق أهداف التعليم برفد سوق العمل بالكفاءات الوطنية القادرة على مواصلة طريق التقدم، والمضي في هذا الوطن إلى رحاب واسعة لكي يكون واحة علم وشعاع نور، ولكن ما يشهده سوق العمل من تنافس غير مسبوق يفرض تحديات حقيقية، تتطلب تخريج كفاءات يمكنها أن تسير، بل وتقود في مختلف مجالات العمل، سواء العام أو الخاص، فالدول التي حققت مستويات تقدم عالية، وحافظت على تقدمها كانت تولي التعليم أولوية قصوى، وفي الوقت نفسه تعمل بشكل متواصل على تطويره وضمان قدرته على تخريج كفاءات قادرة على الاستجابة لمتطلبات سوق العمل، ومواكبة التطور الذي تشهده في مختلف نواحي الحياة.
إن مسؤولية تحقيق رؤية الدولة في أن تكون واحة العلم والمعرفة على مستوى المنطقة والعالم، تقع على عاتق الجميع، وتتطلب تكاتف كل الجهات المعنية بهذا القطاع، ولكن هناك مسؤولية أكبر على المنخرطين بشكل مباشر، وخاصة ممن يتولون مواقع المسؤولية، وقد ائتمنوا عليها من قبل الدولة وقيادتها، سواء كانوا رؤساء جامعات أو عمداء كليات أو رؤساء أقسام أو أعضاء هيئة تدريس أو مديرين أو مدرسين، إذ لا يمكن، على سبيل المثال، التساهل في تعليم الطلبة أو تقييمهم أو منحهم علامة النجاح بشكل مخالف للقوانين ولمعايير الشفافية.
إن الخدمة الحقيقية للوطن -الذي قدم لأبنائه ما لم يقدمه وطن آخر- تكون من خلال العمل بإخلاص، والالتزام بالسياسات التي وضعتها الدولة والمنظومة التي صاغها الخبراء، من أجل ضمان تخريج أجيال قادرة على تحقيق طموحاتهم الشخصية والوطنية، التي ليس لها سقف سوى السماء، كما قال ذات مرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.