في الثقافة الشرقية غالباً ما نجد تحديداً لسن الحكمة لدى الإنسان، يقارب الأربعين عاماً أو يزيد، وهو المقصود به: ذروة النضح العقلي والنفسي والبدني والإنتاج. أما في الثقافة العربية الدينية، الإسلامية على وجه الخصوص، فإن السن التكليفي للرسل والأنبياء عبر القرون، كان نحو العمر ذاته: الأربعون فما فوق. وفي العام الماضي قرأتُ تقريراً يفيد بأن متوسط الأعمار في فرنسا وإسبانيا تحديداً، بلغ اثنين وثمانين عاماً. وفي دول منطقة الخليج العربي، كان متوسط الأعمار منذ أكثر من عقدين، اثنين وستين عاماً. الفارق كبير بالمقارنة، فالظروف والأسباب تحكم أحياناً. لكن اليوم، وبعد أن توفّرت الرعاية الصحية والتغذية الجيدة في دول المنطقة، وقبلهما، جرعة الوعي لدى الفرد في مجتمعات فتيّة ومتوثّبة، فالمؤكد أن متوسط الأعمار شهد قفزات مرتفعة وواعدة تبعث على الطمأنينة. مجلة «نيوإنجلاند» الطبية ذائعة الصيت، نشرت دراسة إحصائية في موضوع الأعمار، بدأته بسؤال: لماذا تعتمد الشركات العملاقة في العالم على موظفين تجاوزت أعمارهم الستين عاماً، وتسند إليهم مناصب عليا؟ سؤال كبير ولافت، حظيَّ بنسبة مقروئية عالية. خلصت المجلة عبر الاستطلاعات الميدانية، إلى نتائج عززتها ب«حقائق»، كما تقول، من بينها: أن المرحلة العمريّة بين الستين والسبعين ثبت أنّها الأكثر إنتاجية في حياة الشخص. وسمّتها السن الثاني. ومضت لتضيف: إن المرحلة بين السبعين والثمانين، تعد السن الثالث الأكثر إنتاجية. وتَسوق لذلك بعض الأمثلة، فتذكر مثلاً أن متوسط عمر الفائزين بجائزة نوبل هو 62 عاماً، وأن متوسط عمر المدراء الناجحين في شركة «فورجن 500» هو 63 عاماً. وتلتقط مثالاً من المجال الديني، وتقول: إن متوسط عمر القساوسة في أكبر 100 كنيسة في الولايات المتحدة الأميركية هو 71 عاماً.. ما جعل المجلة تستدل باطمئنان إلى أن الله «جعل أفضل سنوات الحياة للإنسان بين الستين والثمانين عاماً». ومن الناحية العلمية الخالصة، يميل المتخصصون إلى الرأي القائل بأن ذروة الإنتاج وخلاصة الخبرة المكتسبة تستمران مع الإنسان حتى سن الثمانين، إذا ضمِن رعاية صحية عالية، معزّزةً بنظام غذائي ورياضي جيد. وتنتقل المجلة من اللغة العلميّة إلى اللغة العاطفية المباشرة تجاه القراء: إن كان عمرك يتراوح بين الستين والسبعين أو بين السبعين والثمانين، فأنت تعيش أفضل ثاني وثالث مرحلة عمريّة في حياتك.
لكن بلغة الإمارات وتوقيتها، نقول لكبار المواطنين: اطمئنوا، وكونوا سعداء، فحياتنا لا تزال بحاجة إليكم.