وفق معرفتي غير المعقدة لحصانة القطيع: هي ترك جِمالك الضعيفة تموت، وبقية القطيع سيكون بخير. فمناعة القطيع مفهوم وبائي يصف الحالة المناعية التي يكون عليها السكان، وعدد الناس المحصّنين بما فيه الكفاية ضد فيروس أو عدوى قد تنتشر داخل تلك المجموعة، والإصابة بالعدوى واكتساب المناعة الطبيعية. وللتفكير في تداعيات هذا السيناريو الكارثي، فإن أفضل التقديرات تشير إلى أن معدل الوفيات الناجمة عن العدوى ب COVID-19 يبلغ حوالي 0.5- 1.0 في المائة، وعندما نقول إذا مرض 70 في المائة من مجموع السكان فهذا يعني أن ما بين 0.35 إلى 0.7 في المائة من الجميع في بلد ما يمكن أن يموتوا، وهي نتيجة كارثية وخاصةً إذا ما اعتبرنا أن 10 في المائة من جميع الإصابات تحتاج إلى دخول المستشفى، وبالتالي عدد هائل من الأشخاص المرضى جدًا، مما له آثار جسيمة على أية دولة في العالم.
ومؤخراً توصلت دراسة سويدية إلى أن 7.3 في المائة فقط من سكان ستوكهولم قد طوروا أجسامًا مضادة ل COVID-19 في أواخر أبريل، وهو ما قد يثير القلق من أن قرار عدم إغلاق السويد ضد الوباء قد يجلب القليل من مناعة القطيع في المستقبل القريب.
وقد سجلت السويد أكبر عدد من وفيات COVID-19 في أوروبا خلال الشهر الماضي والحالي، وكان يعتقد أن ستوكهولم ستصل إلى «حصانة القطيع» لحماية سكانها بحلول منتصف مايو الجاري ولم يحدث ذلك. ويقول المؤمنون بنظرية مناعة القطيع أنه لا يوجد ارتباط واضح بين إجراءات الإغلاق المتخذّة في البلدان وتأثيرها على الوباء والدول التي خففت من القيود، مثل كوريا الجنوبية وألمانيا التي تشهد ارتفاعًا في عدد الحالات بين الحين والآخر. ويجادل النقاد بأن السويد تحاول تحقيق حصانة القطيع من خلال مسار طبيعي على حساب مواطنيها، والأرقام في السويد ترسم صورة قاتمة حيث إن جزءًا كبيرًا من الوفيات في البلاد كانت في دور رعاية المسنين - وهي حقيقة اعترفت بها الحكومة - ويبلغ معدل الوفيات في السويد أكثر من 22 حالة وفاة لكل 100.000 شخص، وهو رقم أعلى بكثير من الولايات المتحدة على سبيل المثال، وعندما يتعافى الشخص من مرض ما فإن جسمه يبني عادةً مناعةً طبيعية لمحاربة العدوى في المستقبل، لكن المناعة من العدوى الطبيعية لها عدة عوامل مختلفة، بما في ذلك كمية الأجسام المضادة المنتجة، وما إذا كانت هذه الأجسام المضادة يمكنها الدفاع ضد تطور الفيروس وعدوى مستقبلية، وإذا كان الأمر كذلك فإلى متى ستبقى المناعة!
فمناعة القطيع هي لعبة أرقام لا تُعرف نتائجها على المدى الطويل، وخاصةً أن الموجة الثانية لا مفر منها، وفي النرويج والدنمارك مع بدء البلدين تخفيف إجراءات الحجر العام، فقد أعادت النرويج فتح دور الحضانة اعتبارًا من 20 أبريل والمدارس في 4 مايو، وكان عدد الوفيات في السويد في 21 مايو قد بلغ 3831 مقابل 234 في النرويج، ويبدو أن السويد تعطي الأولوية الصارخة للاقتصاد على حماية حياة الناس، وإن كانت فعالية تدابير الحجر العام لا تكون فاعلة بصورة مؤثرة دون آليات الاختبارات الجماعية، ومصداقية المعلومات والبيانات التي تنشر عن انتشار العدوى والعكس صحيح.