الشيء الغريب بشأن التغطية الصحفية لفيروس كورونا هو أن غير الخبراء يبدون واثقين للغاية من تنبؤاتهم، في حين أن علماء الأوبئة يخبرونني دائماً بأنهم لا يعرفون الكثير حول هذا الموضوع. «إنه فيروس جديد، جديد بالنسبة للبشرية، ولا أحد يعرف ما سيحدث»، هكذا قالت لي «آن ريموين»، أستاذ علم الأوبئة بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس.
ولا شك أن بعضاً من تواضع العلماء هذا ينبغي أن ينتقل إلى الخطاب العام. إننا نعرف أن التباعد الجسدي فعال، لأن كلاً من الصين وإيطاليا وإسبانيا وإيران ونيويورك تضررت جميعها كثيراً، وفي النهاية تمكنت من التغلب على حالات انتشار مريعة للفيروس عبر فرض قيود شديدة. وقد تحرك حاكما ولايتي واشنطن وكاليفورنيا مبكراً فتفاديا مثل هذا الانتشار الكارثي. كما وجدت دراسة نشرت في دورية «هيلث أفيرز» أن القيود الحكومية جنّبت الولايات المتحدة بشكل جماعي نحو 35 مليون حالة إصابة بنهاية أبريل. وإذا كان ذلك صحيحاً، فيمكن القول إن تلك القيود أنقذت عدداً كبيراً جداً من الأرواح أيضاً.
غير أن الدراسة نفسها وجدت أن إغلاق المدارس لم يفد كثيراً، وما زلنا لم نكتشف بعد مستوى القيود المثالي الكفيل بكبح الفيروس من دون خنق العادات اليومية للناس.
وهذا ليس مفاجئاً، كما يلاحظ عالم الأوبئة بجامعة مينيسوتا مايكل أوسترهولم، لأننا لم نكتشف وباء عام 1918 بعد. «لماذا ذهبت موجة الربيع في 1918؟ ولماذا عادت في الخريف؟»، يتساءل أوسترهولم، ويجيب: «إننا لا نعرف».
إن علم الأوبئة مملوء بالألغاز، ففي 2003 كانت منظمة الصحة العالمية تخشى أن يعود «سارس» في موجة مدمرة ذلك الخريف، لكن بدلاً من ذلك أُخمد. وفي 2009، كان الخبراء قلقين من أن تكون «انفلوانزا إتش 1 إن 1» أسداً، لكن تبين في الأخير أنها مجرد قط صغير. وبالتالي، فإن الحظ يؤثر في النتائج إلى جانب البيولوجيا، وإذا كان بعض المسؤولين قد جازفوا على نحو متهور هذا العام ونجوا بفعلتهم، فإن ذلك لا يجعل أفعالهم حصيفة. ويقول أوسترهولم: «يجب أن تتحلى بالكثير من التواضع مع هذه الفيروسات»، مضيفاً: «إنني أعرف أشياء أقل عن الفيروسات مما كنت أعرفه قبل 10 سنوات».
وضمن روح هذا التواضع، سأنقل في ما يلي بعض النصائح من خبراء الصحة العامة.
أولاً، لا تتحمس كثيراً في كل مرة تسمع فيها إعلاناً عن اللقاح. وتذكّر أنه حتى عندما نحصل على لقاح تؤكد التجارب أنه آمن وفعال، فإنه سيتعين علينا صنعه على نطاق واسع جداً، خاصة إذا كان كل شخص سيحتاج لأكثر من جرعة واحدة، وهو ما سيمثّل مهمة هائلة. ثم إنه حتى إذا صنعنا ما يكفي من اللقاح، فإن نقص المحاقن والإبر والقوارير الزجاجية يمكن أن يؤخّرنا.
وفي هذا الصدد، كتب ريك برايت في شكواه بخصوص إعفائه من منصبه كمسؤول رسمي عن الرد على الوباء: «إن الأمر قد يستغرق مدة قد تصل إلى عامين لإنتاج ما يكفي من القوارير الزجاجية لاحتياجات لقاح أميركي».
ثانياً: اجمع بيانات أكثر. ففي أماكن كثيرة بأميركا، يبدو أنه لا يوجد أي فيروس تقريباً. وبالتالي، فربما تستطيع تلك المناطق أن تعيد فتح كل شيء تقريباً بشكل آمن، إذا استطعنا تحديدها وكانت لدينا مراقبة صارمة حتى نكون مستعدين لمكافحة انتشار الفيروس لحظة مجيئه.
غير أن أغلبية المقاطعات ما زالت لا تملك موقعاً لاختبار فيروس كورونا، وفي بعض المناطق لا يستخدم الجمهور قدرات الاختبار التي لدينا. ولهذا ينبغي أن نزيد من اختبارات مياه الصرف الصحي بحثاً عن فيروس كورونا. ذلك أن اختبارات مياه الصرف الصحي غالباً ما تكون نتيجتها إيجابية قبل ظهور حالات بشرية، وبالتالي فإنها تتيح لنا نظاماً أساسياً للكشف المبكر. وإذا كانت باكستان قد استطاعت إجراءات اختبارات واسعة لمياه الصرف الصحي بخصوص شلل الأطفال، فلا شك أن الولايات المتحدة تستطيع اعتماد اختبارات الصرف الصحي بخصوص فيروس كورونا.
ثالثاً، افتح المدارس بحذر. الجميع غير متفق مع هذا الأمر، غير أن هناك بعض البحوث وبعض الأدلة العملية من تجربة الدانمارك وأستراليا وتايوان على إمكانية فتح المدارس دون أن يؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في الخطر.
وعلاوة على ذلك، فإن تكلفة الإبقاء على المدارس مغلقة ضخمة، خاصة بالنسبة للأطفال المعوزين والآباء العاملين.
رابعاً، اعتمد دائماً على التجارب. فهناك أدلة متزايدة على أن انتقال العدوى في الهواء الطلق نادر، وبالتالي ينبغي أن نكون أكثر استعداداً لفتح الحدائق والشواطئ. ومن جهة أخرى، لوحظ أن مصانع تلفيف اللحوم والسجون ومؤسسات رعاية المسنين كانت مميتة بشكل خاص، ولذلك فإنها تستحق رعاية وإشرافاً أكثر بكثير.
وخلاصة القول إنني أجد هوة كبيرة في التصورات بين الخبراء وغير الخبراء. فالكثير من الأميركيين يعتقدون أننا أخذنا نخرج من الوباء وأننا بتنا نستطيع رؤية الضوء في نهاية النفق، كما يقول الرئيس دونالد ترامب. غير أن العديد من علماء الأوبئة، وإنْ كانوا يقرّون بأنهم لا يعرفون سوى القليل، فإنه قلقون للغاية من موجة ثانية من الفيروس هذا الخريف تكون أكثر فتكاً من أي شيء رأيناه حتى الآن.
هذا الخليط من التواضع والقلق يبدو أنه أفضل مرشد لدينا بينما نسعى لاجتراح سياسة للنجاة من الوباء. وعليه، لنأمل حدوث الأفضل بينما نستعد للأسوأ.

*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/05/20/opinion/us-coronavirus-reopening.html