ليس مفاجئاً أن تتشدّد واشنطن في مطالبتها بتمديد الحظر الدولي على بيع أسلحة إلى إيران، قبل خمسة أشهر من رفعه «رسمياً» تمشّياً مع أحكام الاتفاق النووي (2015). فالولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق في 2018 كما أنها بدأت أواخر 2019 التنبيه الى اعتزامها تعطيل رفع هذا الحظر، وهي تنذر الآن بـ «تفعيل» كل العقوبات الدولية إذا رُفع فعلاً بموجب القرار 2231 وإذا لم تتمكّن من ذلك فإنها ستمدّد الحظر بـ «وسائل أخرى». في المقابل، ردّت إيران على الانسحاب الأميركي من الاتفاق والعقوبات التي تبعته بمحاولة بناء آلية تعاون مع الأوروبيين تعوّضها عن خسائرها، ولما فشل هذا المسعى، بسبب العقوبات الأميركية، راحت تخفّض التزاماتها بالاتفاق مستأنفة تخصيب اليورانيوم وتشغيل أجهزة الطرد المركزي، وقد لوّحت أخيراً بالتخلّي عن الاتفاق إذا مدّد حظر الأسلحة.
هذه ملامح معركة دبلوماسية واقعة لا محالة وباتت مواقف أطرافها معروفة: روسيا والصين تعتبران أن الاتفاق النووي لا يزال قائماً، أي أنهما لا تؤيدان تمديد الحظر، كونهما مستفيدتين من رفعه، وستستخدمان «الفيتو» ضد تفعيل العقوبات. أما بريطانيا وفرنسا وألمانيا فتنطلق دائماً من مبدأ الحفاظ على الاتفاق استناداً إلى قيوده على البرنامج النووي الإيراني، لكنها محرجة من جهة بخفض طهران التزاماتها ومن جهة أخرى بتوافقها مع المآخذ الأميركية بالنسبة إلى البرنامج الصاروخي والسياسات الإقليمية لإيران، وبالتالي فإنها لا تتعجّل معارضة تمديد الحظر على الأسلحة أو الدفع بالإبقاء عليه. وفي كل الأحوال، يتوقّع المراقبون «معركة فوضوية»، لكنها محسومة طالما أنها تدور تحت سقف «الفيتو» وفي مناخ انقسامات حادة بين الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن.
يصف المراقبون هذه المعركة بأنها ستكون فوضوية، لكن أي طرف لم يقدّم تقديراً واقعياً لما يشكّله رفع الحظر بالنسبة إلى التسلّح الإيراني الذي يعتبر «خطيراً» في وضعه الحالي. يذكر أن روسيا كانت ألغت الحظر في أبريل 2015، قبيل الاتفاق النووي، لتبيع منظومة صواريخ «إس 300» إلى إيران لكنها امتنعت في 2019 عن بيع أسلحة هجومية وصواريخ «إس 400»، وإذا رُفع الحظر فقد تُسقط موسكو أي تحفّظات.