ماذا يحدث في العالم؟ هل نحن نتواصل، أم نتبادل؟ سؤال يخطر في الذهن، ويكبر كماهي الأشجار في الحقول، نحاول أن تستفسر عن كنه علاقتنا بالآخر، فنجد أنفسنا لا زلنا عند ضفة النهر، ولم نصل إلى الضفة الأخرى.
عندما نتأمل صفحة الحياة، ونقرأ ما يحدث من تشابك بين أغصان الشجرة الواحدة، نشعر أن هناك خللاً في التشذيب، بل إنه لا يوجد تشذيب للشجرة، بل ما يحدث هو الضرب بالعصا على أطراف الشجرة، فتسقط الأغصان الخضراء قبل الصفراء.
لماذا يا ترى؟ لأن التواصل لم يحدث بعد، ولأن الاندماج أصبح مستحيلاً، لأننا لا زلنا في مرحلة الشراكة بين مؤسسات تجارية لا تخدم للود قضية.
لأننا لسنا في تواصل، وإنما نحن في علاقات، وهذه العلاقات مشوبة بمصالح الذوات الفردية أو الجماعية، أنها في نهاية الأمر لن تصل إلى مرحلة التواصل، إلا أذا تفرغت الصدور من شحنات الرغبات، هذه الرغبات التي تمثل العائق، الناعق في فضاءات العالم، مما يجعله في ورطة الفرار دوماً من مسؤولية الاندماج في الوجود.
تحرق الغابات في كثير من دول العالم، وتعدم الحيوانات بالجملة لاتهامها بالتسبب في هذه الحرائق ولا يعترف الإنسان بأن شجعه هو عود الثقاب الأول الذي يشعل هذه النيران، فيبيد الزرع، والضرع، ويحول الحياة الخضراء إلى دخان أسود غامق، خانق، حانق، ناهق في أجواء البشرية.
عندما لا نفهم الحفاظ على الشجرة، وعلى الطريق، فأننا نكون قد خرقنا أول ناموس لوحدة الوجود، وبالتالي علينا أن نذهب إلى الأساس، وهو اعتبار الحياة مجرد علاقة، وليس تواصلاً، ومن هنا نكون قد وضعنا الأصبع على الدمل، وعلينا معالجة الأمر، ليس بمحاولة تقوية العلاقات، فإنها لن تجدي نفعاً، علينا أن نحول العلاقة إلى تواصل، لأنه في التواصل يحدث الاندماج، وفي الاندماج تزول الفواصل، وبالتالي يصبح الوجود جسداً واحداً، إن اشتكى منه عضو، تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
نحن بحاجة إلى الوعي بما يحدثه تواصلنا، وما ينتجه الوجود الواحد من قوة وفخامة، وثراء، ورخاء للفرد، ثم للإنسانية جمعاء.
الذين يخطبون ود العظمة من خلال عقد صفقة العلاقة أنهم يذهبون بالحياة إلى نهايات قصوى في العدمية، أنهم يعبثون بالماء، ولا يقومون بتنقيته من الشوائب، أنهم يذهبون خارج الفطرة.
نحن بحاجة إلى تواصل، يمنحنا القوة، ووحدة الوجود، وهذه هي جبلة الخلق.