يمر العالم اليوم بمتغيرات غير مسبوقة، ومستقبل التحديات التي ستواجه البشرية لن يستوعبها المنطق البشري في معظم المجتمعات، وخاصةً المغيبة عما يدور من مخططات ستكون كلمة الفصل فيها للمعرفة الخاصة وليست المعرفة العامة، والتي ستشكل وعياً جديداً للمجتمعات في شتى أنحاء العالم، وشركات ذكية عابرة للقارات تهيمن على العالم، وعملة افتراضية أو مرتبطة بالبصمة الجينية، والتحكم في مصادر المياه في العالم ونوعية الغذاء، وسيطرة التجارة الإلكترونية كنمط تجاري سائد، والتحكم كذلك في صحة الشعوب الجسدية والعقلية والنفسية، وستتحول الدول العظمى إلى أمم هجينة بين الشيوعية والرأسمالية، ومشاريع ستظهر للعالم أقرب للخيال العلمي، كمشروع الشعاع الأزرق، حيث سيظهر ظل عظيم سيغطي الكرة الأرضية والسماء الدنيا ليعلن للبشرية أنه الخالق، ويوجّه شعوب العالم الباقية على قيد الحياة إلى هجر الدين، ولن يكون هناك أسر تقليدية وزواج، كما هو متعارف عليه، والعبث بالحياة كما نعرفها اليوم، وما كوفيد-19 إلّا مؤشر واحد لأبعاد القوى المستقبلية.
فنحن مقبلون على قوانين جديدة للاقتصاد والمال، وما نمر به في الوقت الحاضر يعد تمهيداً لاكتمال منظومة الذكاء الاصطناعي، وسيل عارم من الأزمات والكوارث والتي سيعتقد بأنها طبيعية، واليد الشيطانية الخفية تلبس القفازات، تدعمها المئات من المؤسسات البحثية والعلمية والإعلامية والترفيهية والثقافية والدينية، التي تخرج منها الدراسات والشائعات لغسل أدمغة شعوب العالم، وخاصة القيادات في الدول الكبرى، وهناك طاولات مستديرة تتبع تلك الفئة الخفية في كل بقعة من الأرض، والخلط بين العلم وعلوم ما وراء الطبيعة وحتى الدجل لرسم واقع جديد، وفوائد ديون ستجبر الدول الكبرى على إعادة الاستعمار بطريقة حديثة وبصورة علنية، وتغيير مسار الاقتصاد العالمي، وتحويل مناطق مصادر الطاقة الحالية لمناطق صراع إقليمي مفتوح، حتى يرضخ العالم للنظام العالمي الجديد في أبعاد ومجالات يكمّل بعضها الآخر، وحصر الصراع الجيوسياسي في الفضاء الخارجي والمعرفي، والعالم السيبراني هو جوهر النقاشات الأممية المستقبلية.
فمتى يكتشف العالم العربي أن العلماء والمفكرين والمنظّرين هم خط الدفاع الأول في صراع البقاء المقبل، وهل يستفاد من درس الجيش الأبيض في مواجهة كورونا المستجدّ في حروب إبادة حتمية لم تستأذن أحدا؟ والحروب المستقبلية بدأت فعلاً، وتدور في النطاق غير المرئي والملموس، كالتحكّم في العقول والأمزجة وخاصة بالموجات المغناطيسية، والتحكّم في توجيه سلوك شخص معين، أو قائد جماعة متطرّفة، وحرب تطعيمات الأطفال للتلاعب بالحمض النووي، ناهيك عن الغزو الذكي، كنشر مادة «غاز الكيمتريل» السلاح الجديد للتحكّم بالمناخ من فيضانات وجفاف ونشر للأمراض، فمتى تتحول منظومة الأمن العربي لعبارة عن مراكز إبداع وابتكار واختراع وبحوث متقدمة ؟
ويكفي أن أذكر «محطة هارب» وهي مشروع برنامج الشفق النشط عالي التردد في ولاية الاسكا، والذي يذكر للعامة بأنه يهدف إلى تحليل الغلاف الجوي الأيوني، وإمكانية تطوير وتعزيز تقنيات المجال الأيوني بما يخدم تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية والمراقبة، ولكن ما خفي أعظم، والهندسة المناخية وأسرارها، وأمور يوصف بالجاهل من ينكرها كثقب الأوزون والاحتباس الحراري وغيرها من الخرافات العلمية، ولذلك متى ما تحرر مفهوم الأمن الوطني من التبعية والتقليدية، وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح نحو تأمين الداخل، وبعدنا الاستراتيجي الأعمق وهو الوعي النوعي والفكر الاستباقي.