أخيراً وبعد شهرين من الانتظار، بادرت ألمانيا بتقديم أنموذج للعالم من أجل عودة الحياة إلى الملاعب مرة أخرى، بعد أن احتار الجميع في إيجاد الصيغة المناسبة لاستئناف النشاط، بعد أن أصاب الفيروس الملعون النشاط بالشلل، ما اضطر اتحادات مثل بلجيكا وفرنسا إلى إلغاء الدوري، واعتماد كلوب بروج بطلاً للدوري البلجيكي قبل جولة من نهايته، وتتويج فريق باريس سان جيرمان بطلاً للدوري الفرنسي.
وأوفت ألمانيا بما وعدت، وعادت عجلة البوندسليجا إلى الدوران مرة أخرى، وتابع العالم «التجربة الألمانية» ليقيمها ويتعرف على إيجابياتها وسلبياتها، لعل وعسى يمكن تطبيق التجربة في بقية ملاعب العالم.
وأثبت الألمان أن الظروف الصعبة التي يواجهها العالم حالياً، لا يمكن أن تحول من دون عودة النشاط مرة أخرى، طالما حرصت كل عناصر اللعبة على تطبيق الإجراءات الاحترازية، التي من شأنها أن تحافظ على سلامة اللاعبين، بداية من الحجر الصحي للاعبين والأجهزة الفنية والإدارية والحكام، قبل وقت كافٍ من المباريات، مع الحرص على عدم المصافحة بين اللاعبين في حال إحراز الأهداف أو تبادل القبلات، وكذلك الحرص على وقوف الصحفيين على مسافة بعيدة، عند إجراء اللقاءات مع المدربين واللاعبين.
ومرت الجولة الأولى بعد استئناف الدوري الألماني بسلام، برغم أنها شهدت «ديربي الرور» ما بين بروسيا دورتموند «الثاني» بعد المتصدر بايرن ميونيخ، وشالكه صاحب المركز السادس، وهي المواجهة التي انتهت لصالح بروسيا برباعية نظيفة، والطريف أن لاعبي بروسيا اتجهوا بعد المباراة لتحية المدرجات الخاوية على عروشها، بعد أن قرر الاتحاد الألماني إقامة المباريات من دون جمهور، وتم استحداث طريقة جديدة لتعويض ذلك، بإعداد صور للجماهير الحقيقية للنادي، وتم وضع الصور في المدرجات، مقابل عدة يوروهات لكل صورة، خاصة أن جماهير بروسيا معروفة بعشقها للنادي، وتعتبر أعظم جمهور على مستوى العالم، ويكفي وفاؤها العظيم لناديها عام 2003، عندما تهدده شبح الإفلاس، ما كان من شأنه أن يؤدي إلى هبوطه للدرجة الثانية، فنظمت الجماهير مظاهرات حاشدة للمطالبة بإنقاذ النادي، وبالفعل تم جمع ملايين اليوروهات التي أسهمت في احتفاظ الفريق بموقعه ضمن فرق البوندسليجا، كما لجأ نادي مونشنجلادباخ لنفس الفكرة، في وضع صور مجسمة لجماهيره في المدرجات خلال مباراته مع أينتراخت فرانكفورت، والتي انتهت بفوز بروسيا مونشنجلادباخ بثلاثة أهداف مقابل هدف.
وكما يقولون، فإن (الحاجة أم الاختراع).