تقوم الحكومات بدور متعاظم في العالم المعاصر، وعلى الرغم من أن هناك بعض النظريات والاتجاهات السياسية، حاولت التقليل من دور الحكومات والتهوين منه، فإن ذلك لم يحدث، حيث ظل للحكومات دورها الفعال في كل المراحل التاريخية، استناداً إلى حقيقة ثابتة، وهي أن الحكومة تعد من العناصر الأساسية لتأسيس الدول، التي يجب لقيامها، كما تؤكد معظم النظريات السياسية، توافر ثلاثة عناصر: الأرض والشعب والحكومة.
وقد جاءت أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) التي غزت العالم على حين غرة، فقطّعت أوصاله وحولته إلى جزر منعزلة، بعد أن كان قرية واحدة بفعل طغيان ظاهرة العولمة، لتؤكد الدور المهم الذي يجب أن تقوم به الحكومات في إدارة المجتمعات المعاصرة، التي تتميز بدرجة عالية من التعقيد، بعد أن كان الكثير من الحكومات في دول العالم المختلفة قد تقلص دورها بفعل سيادة ما يسمى بنمط الرأسمالية المتوحشة، وهي صيغة أكثر تطرفاً من الرأسمالية بصورتها التقليدية.
وتدرك دولة الإمارات العربية المتحدة الدور الجوهري الذي تقوم به الحكومة في إدارة المجتمع، وبخاصة في ظل ما تقدمه الدولة من خدمات هائلة لمواطنيها في مجال السكن والتعليم والرعاية الصحية وغيرها، وبالتالي، فقد عملت قيادتنا الرشيدة وبشكل مستمر منذ تأسيس الدولة في الثاني من ديسمبر عام 1971، على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على تطوير أدوات العمل الحكومي وطرق تشكيل الحكومات المتعاقبة وآلية تقديم الخدمات التي تقوم بتوفيرها للمواطنين والمقيمين.
ولأن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) قد تركت تأثيراتها الكبيرة في المجتمعات كافة وفي مجالات مختلفة، ومنها الحكومات وطريقة عملها، فإن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، تكثف جهودها من خلال استراتيجيتها لمرحلة ما بعد (كوفيد- 19) لتعزيز دور الحكومة وجعله أكثر فاعلية، وفي هذا الصدد، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عقب اختتام فعاليات اجتماع حكومة دولة الإمارات الذي عُقد «عن بُعد» بعنوان «الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد –19»، في الفترة 10 -12 مايو الجاري، أن المرحلة المقبلة ستشهد مراجعات فيما يخص هيكل الحكومة لتفعيل دورها وجعله أكثر مرونة، وقال سموه في حسابه على «تويتر»: «اختتمنا اجتماعات حكومة الإمارات لإعداد استراتيجية الدولة بعد كوفيد- 19.. سنراجع هيكل الحكومة وحجمها.. قد ندمج وزارات.. ونغير هيئات.. وسنجري تغييرات.. نحتاج إلى حكومة أكثر رشاقة ومرونة وسرعة لتواكب أولويات وطنية جديدة ومختلفة. مخطئ من يظن أن العالم بعد كوفيد- 19 كالعالم قبله».
والحاصل أن تطوير أداء الحكومة، ظل أولويةً جوهرية على أجندة العمل الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخلال السنوات العشر الماضية تعاظمت الجهود الخاصة بإحداث هذا التطوير، وتم اتخاذ مبادرات رائدة عدة في هذا السياق، منها أنه، وتماشياً مع رؤية الإمارات 2021، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في مارس 2011 برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة بهدف رفع كفاءة الخدمات الحكومية إلى مستوى 7 نجوم، وفي مايو 2013 وضعت الحكومة هدفاً طَموحاً تمثل في أن تكون الخدمات الحكومية كافة متاحة عبر الأجهزة المحمولة في غضون عامين. وفي مايو 2015، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، أن 96% من الخدمات المقدمة للمواطنين في أهم 337 دائرة حكومية أصبحت تقدم عبر الهواتف المحمولة بنجاح. ولدعم وتشجيع الوزارات وتفعيل مشاركة المواطنين، أطلقت الحكومة جائزة أفضل خدمة حكومية عبر الهاتف المحمول عام 2013، وتُمنح الجائزة السنوية إلى المشاركين في 4 فئات وهي: الهيئات الوطنية، والعربية، والدولية، والحكومية، إضافة إلى الطلبة في الجامعات الإماراتية.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.