من مزايا الإنسان أنه كائن يتكيف مع أصعب الظروف وأقساها ويستطيع تحويل الأزمات إلى دروس يستفيد منها وأحياناً يتمكن من الإبداع حتى في أحلك الأوقات وأصعبها، ولا أعتقد أن البشرية سبق وأن اختبرت «امتحاناً» عالمياً كالذي نراه اليوم، فحتى في الحروب العالمية كانت هناك دول بعيدة لاعلاقة لها بالأمر وكانت الناس تمارس حياتها وتخرج وتلتقي ولكن ما حدث في أزمة كورونا أمر غير مسبوق منذ جاء الإنسان إلى هذه الأرض.
ومن إبداعات الإنسان الذي وجد نفسه مجبوراً بين أربعة جدران استفادته من التكنولوجيا والسوشيال ميديا، فبات إنستجرام مثلاً محطة للقاءات والحوارات والبث المباشر وحتى تعليم الطبخ والرسم واللياقة البدنية، وأعتقد أنه المنصة الأكثر حيوية وفائدة خلال هذه الجائحة، لأنه أسهم في تغيير الأجواء والتقليل من مساحة الملل التي كان من الممكن أن تسيطر على الملايين خاصة بالتحديات الرياضية التي وصلت حد جري الماراثون في البيت.
أمس سمعت بتحد جديد اسمه «دواثلون» علماً أننا نعرف الترايثلون والديكاثلون والماراثون والبايثلون والبنتاثلون والآكواثلون ونعرف الدواثلون كسباق ثنائي ولكن مجلس إدارة جمعية الترايثلون في الإمارات قرروا إطلاق سباق دواثلون عائلي افتراضي الجمعة المقبل لتشجيع الأسرة كلها على ممارسة الرياضة، على أن يتكون الفريق من ثلاثة أشخاص أو اثنين من أقرباء الدرجة الأولى، شريطة أن يكون أحد الأعضاء تحت 14 سنة وهو الفكرة الأميز بقناعتي لأنني أب وعندي ولدان يجلسان في البيت منذ أكثر من ستين يوماً وأحاول دائماً حثهما على ممارسة الرياضة حتى لو بعض تمارين الإحماء أو القفز في المكان لتنشيط الدورة الدموية، وجاءت فكرة دواثلون «كالدواء» بالنسبة لي لحثهم على التنافس والرياضة ولو في المنزل، علما أن السباق هو جري ودراجة وركض، وقد يتساءل سائل كيف نجري ونركض ونركب الدراجة في المنزل؟ والجواب بتعديل الدراجة وركوبها لتمشي في المكان من خلال رفعها عن الأرض قليلاً أو استخدام الدراجة بعجل واحد، كما في مراكز اللياقة، وبالنسبة للجري فعلى «التريد ميل»، وإذا لم تكن موجودة ففي الصالون أو في أي مساحة معقولة في المنزل، فالفكرة ليست بطولة عالمية، ولا أرقاماً يتم تسجيلها، بل محاولة لتنشيط الفكر والجسم والمرح وتغيير الأجواء، علماً أن البطولات العائلية ستدخل روزنامة جمعية الترايثلون بعد انتهاء قصة كورونا وهو ما أطالب به من الآن، أي منح الرياضة العائلية «التنافسية والترفيهية» المساحة المناسبة والجدية والمستمرة لدى كل المجالس الرياضية في الدولة ولدى الاتحادات المعنية بدعم ومساندة من الإعلام والقنوات الرياضية، وصولاً لبطولة يتم نقلها على الهواء وتضم العديد من الألعاب المرحة التي تجمع العائلة بأسرها، كلما كان الطقس مناسباً، وليس في يوم رياضي واحد، كما يحدث في المنطقة حالياً.