لطالما أكدت بيانات وآراء وتوقعات خبراء، قوة ومتانة القطاع العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، وفي إمارة أبوظبي على وجه الخصوص، من خلال الإشارة إلى أن السوق العقاري محصن من التأثر بأي صدمات، وامتلاكه خبرات كبيرة، مكنته دوماً من مواجهة الأزمات، مهما كان نوعها ومصدرها، وهو ما حفّز على استمرارية جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، التي زادت وتكثفت نتيجة قرارات الحكومة الخاصة بالتملك الكامل للأجانب في 21 منطقة استثمارية، الأمر الذي جعل المشاريع العقارية القائمة والجديدة في الإمارة مستمرة دون توقف، مدعوم ذلك كلّه بقوة اقتصاد أبوظبي ومتانته، في ظل الدعم الحكومي المتواصل لهذه المشروعات.
آخر الأنباء الطيبة وردت في التقرير الصادر عن موقع «بيوت»، بخصوص سوق العقارات في أبوظبي للربع الأول من العام الجاري، الذي أكّد وجود مؤشرات إيجابية إلى استقرار القطاع على المدى البعيد، لا سيما في ظل بقاء أسعار البيع والإيجارات ثابتةً في جميع أنحاء المناطق الأكثر طلباً في الإمارة، حيث يشير التقرير إلى استمرارية مناطق الاستثمار الحر في أبوظبي، كجزيرتي الريم والريف، في الاستحواذ على اهتمام المشترين خلال الربع الأول من عام 2020، حيث أظهرت الأسعار في معظم هذه المناطق تنافسية عاليةً، أسهمت في إيجاد اهتمام كبير من قبل المشترين والمستأجرين المحتملين، لتحافظ بالتالي على مركزها كأكثر المناطق استقطاباً للمستثمرين لشراء الشقق، وإنجاز العديد من مشروعات البنى التحتية ومرافق الجذب السياحية.
إن قوة القطاع العقاري في أبوظبي ليست مسألة وليدة اللحظة، إنما تمخضت عن سياسات أفرزتها التوجهات الحكومية الخاصة بتنويع الاقتصاد، وجعل القطاعات غير النفطية مسهماً فاعلاً في ناتج الإمارة المحلي، وخاصة في قطاعات البنى التحتية والبناء والتشييد وقطاع السياحة، الأمر الذي حفّز المستثمرين منذ سنوات على التسابق لأجل تأسيس استثماراتهم ومشروعاتهم العقارية فيها، انطلاقاً من التعويل عليها، باعتبارها عاصمة الدولة، وفيها العديد من المزايا المحفِّزة للقطاع، وأهمها ما تتسم به من أمن وأمان، واستقرارها المالي والاقتصادي الذي أثبت قدرته على مواجهة الأزمات، وآخرها قبل كورونا، الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و2009، إضافة إلى رؤية أبوظبي التنموية القائمة على تعزيز الحياة المعيشية للأفراد، الذين يتمتعون بمعدلات عالية من الدخل، وغير ذلك من العوامل التي جعلت الاستثمار العقاري في الإمارة، فرصة لا تعوّض لكل من أراد الاستثمار في بيئة نشطة للأعمال.
لقد حافظ العقار في أبوظبي على جاذبيته ومكانته، على الرغم من الظروف التي تواجه الاقتصاد العالمي حالياً، وذلك بفضل استمرارية الطلب على العقارات بغرض الإقامة أو الاستثمار، باعتبار القطاع يعدّ الأكثر أماناً للأفراد والشركات والمستثمرين، وبرغم ما عصف بالعالم من سياسات لاحتواء كورونا، وما نتج عنها من توقف الأنشطة الاقتصادية العالمية، إلا أن قطاع العقارات في أبوظبي حافظ على استمرارية عمله في هذه الأثناء، وذلك بالطبع في ظروف آمنة للعمال، تعمل على تعزيز الإجراءات الوقائية لحمايتهم من الإصابة بفيروس كورونا، كإلزام شركات المقاولات والإنشاءات والاستشارات الهندسية، بتعقيم وسائط النقل المتاحة للعمال، وتوفير المستلزمات الطبية والوقائية داخل وسائط النقل الجماعية.
كما سارعت شركات ومؤسسات عقارية إلى إطلاق تدابير مالية احترازية، كاعتماد برامج مالية لدعم العملاء والشركاء والمُستأجرين، ودفع الالتزامات للموردين والمقاولين، وتقديم حزم مساعدات اقتصادية للعملاء، لتقليل الأعباء المالية التي تواجهها الشركات والأفراد في ظل تفشي وباء كورونا عالمياً، الأمر الذي جعل قيمة العقود الإنشائية المبرمة في قطاع العقارات تصل إلى 11.74 مليار درهم، بنسبة بلغت 34% من إجمالي قيمة عقود المقاولات المبرمة في الدولة خلال الربع الأول من العام الجاري، بحسب تقرير صدر حديثاً عن شبكة «بي إن سي نت وورك» المتخصصة في رصد المشاريع بمنطقة الشرق الأوسط.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية