تحتفل الإمارات اليوم، بواحدة من أهم المناسبات الوطنية التي تجسد معاني الوحدة والتلاحم بين أبناء الوطن جميعاً، وهي الذكرى الرابعة والأربعون لتوحيد القوات المسلحة، ففي السادس من مايو عام 1976، اتخذ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وإخوانه حكام الإمارات، قرار توحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة، لتكون البوتقة التي توحد بين أبناء الوطن جميعاً برباط الواجب المقدس في الدفاع عن الوطن في مواجهة مختلف التحديات، إن قرار توحيد القوات المسلحة يعد من أهم القرارات التاريخية في ذاكرة الوطن، ليس فقط لأنه استكمل أركان دولة الاتحاد الوليدة آنذاك، وعزز من قوتها، وإنما أيضاً لأنه شكل البداية الحقيقية لبناء قوات عصرية احترافية، قادرة على القيام بدورها المنوط بها في الدفاع عن الوطن، وتوفير البيئة الداعمة لانطلاق مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة في المجالات كافة.
يأتي الاحتفال بالذكرى الرابعة والأربعين لتوحيد القوات المسلحة في عام الاستعداد للخمسين، وهو العام الذي تتهيأ فيه الإمارات للاحتفال باليوبيل الذهبي للدولة في عام 2021، وتستعد خلاله أيضاً للانطلاق إلى مرحلة جديدة في مسيرتها التنموية للخمسين عاماً المقبلة، عبر استراتيجية طموحة تشارك في تنفيذها كافة مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها القوات المسلحة التي كانت على مدار العقود الخمسة الماضية أهم مؤسسات دولة الاتحاد القوية، وأهم مرتكزات القوة الشاملة لدولة الإمارات، فلم تكن فقط قوة للدفاع عن الوطن، والحفاظ على مقدراته المختلفة، وإنما أسهمت بدور فاعل ورئيسي في تعزيز مكتسباته التنموية، من خلال انخراطها في الصناعات الدفاعية الداعمة للاقتصاد الوطني، وتأهيل الكوادر المواطنة للعمل في مختلف مجالات العمل الوطني، وكما أسهمت القوات المسلحة في مسيرة النهضة الشاملة التي شهدتها الإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية، فإنها ستواصل دورها الحيوي في دعم مسيرة البناء والتنمية، وتوفير أجواء الأمن والاستقرار التي تحتاجها الإمارات في رحلتها التنموية للخمسين عاماً المقبلة، فلا مستقبل لبناء من دون قوة تحافظ عليه وتصونه في مواجهة أية تحديات أو مخاطر.
تحظى القوات المسلحة في الإمارات وفي كل دول العالم باهتمام استثنائي، لأنها صمام الأمان للشعوب والحامي لمكتسباتها في مختلف المجالات، بالنظر لما تمتلكه من خبرات فنية وبشرية، وما تتميز به من سمات استثنائية، كالانضباط والكفاءة والجاهزية العالية، والقدرة على التعامل بفاعلية مع أية أزمات أو تهديدات طارئة، ولعل استعانة العديد من دول العالم في الآونة الأخيرة بجيوشها الوطنية للمساعدة في مواجهة وباء كورونا المستجد «كوفيد-19»، واحتواء تداعياته المختلفة هي أفضل دليل على المكانة المركزية التي تتمتع بها القوات المسلحة، حيث ينظر إليها دوماً باعتبارها طوق النجاة التي تلجأ إليه الدول لمواجهة المخاطر التي تهددها، أياً كانت طبيعتها، سواء عسكرية أو اقتصادية أو أمنية أو صحية.
لقد أدركت القوات المسلحة لدولة الإمارات منذ سنوات، طبيعة التحولات المستقبلية في مهام الجيوش، وأنها يمكن أن تقوم بدور رئيسي في دعم السلطات المدنية في التصدي لمختلف الأزمات الطارئة، ومن بينها الأزمات الصحية والأوبئة المتفشية، التي تمثل تهديداً لأفراد المجتمع، واهتمت بتطوير سلاح الخدمات الطبية، والارتقاء بجاهزيته، وتعزيز استجابته للتعامل مع هذه النوعية من الأوبئة، وقد قدمت قواتنا المسلحة نموذجاً للتعاون البنَاء مع مختلف مؤسسات الدولة في مواجهة وباء كورونا، سواء من خلال افتتاح بعض مراكز المسح لتقديم خدمات الفحص بسرعة وكفاءة عالية، أو من خلال المشاركة في جهود التوعية والتثقيف لأفراد وضباط القوات المسلحة وأبناء الوطن بوجه عام، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية، وحرصها على تعزيز الاستجابة الوطنية في التعامل مع هذه النوعية من الأزمات الصحية.
في الذكرى الرابعة والأربعين لتوحيد القوات المسلحة، يقف كل أبناء الإمارات فخورين بما قدمته القوات المسلحة من بطولات، وما أدته من أدوار في الداخل والخارج بكل كفاءة واحترافية وإتقان، آمنين على حاضرهم ومستقبلهم، لأن القوات المسلحة على عهدها ووعدها دائماً، ستظل درع الوطن وسيفه البتار في مواجهة كل من يفكر في النيل من الأمن الوطني، أو تهديد مصالح الإمارات الاستراتيجية، وستبقى الحارس الأمين على المكتسبات التنموية التي تحققت، وتلك التي ستتحقق في المستقبل.