تنظر إلى المشهد الأليم، فتسقط أنت في الحفرة السوداء، هناك تباغتك الصورة الموحشة، وأنت تتأمل اللوحة الكئيبة، لشوارع ذهب أصحابها خلف الستارة، ليتابعوا المشهد عن بُعد، وأيديهم معلقة على صدورهم، خشية من مخالب المهاجم المريع.
عواصم كنت تحسبها مصباحاً عملاقاً، مضاء بالفرح، وشوارع كانت تتلطف على مشاعرك، بحراك يشيع في قلبك البهجة والسرور. وبسرعة تقفز إلى ذهنك فكرة أشبه بعصفور فر من قسورة، ونط هناك في الأغوار حيث تكمن الروح، وتفتش أنت المتهدج عن وعيك، وعن مشهد ما بالأمس كان هنا، واليوم قد أفل، ولا تصدق أبداً أن الإنسانية تستطيع أن تعيش من دون ذلك الواقع، وذاك النور الحضاري الساطع، وكلما تسمر المذيعون، وهم يحصدون عدد الإصابات، وعدد الأموات، ينتابك الفزع، وتقول في نفسك: يا له من عالم أضعف من أصبع طفل صغير.
كيف لك أن تصدق وقد وعدتك الحضارة، بغد أكثر إشراقاً، وأخذت موعداً للذهاب إلى أقصى حالات النور، فإذا بها تطفئ الأنوار، وتختبئ خلف ملاءة رهيفة بيّنت مدى ضعف الإنسان أمام جبروت الطبيعة.
كل التكنولوجيا، وكل أجهزة التطبيب، والعقول الفذة، اقتعدت كرسي اليأس، وتوارت خلف إحباطها جرّاء السرعة المذهلة لعربة الداء العضال، وأصبح العالم بما فيه منظمة الصحة العالمية، لا تقوى على شيء، سوى أنها تحصي الإصابات والأموات، وتحذر من الأيام العصيبة. 
ولكن في مقابل هذا التقاعس، هناك فرسان يجوبون الأرض من المشرق إلى المغرب، ويحطون رحالهم عند كل هضاب تعبت ركابها، ويمنحون الأمل لكل متصهد، ومعوز، ويقدمون أكسير الحياة، لكل من تغضن جبينه، أو عبست وجنتاه، إثر يأس، أو بؤس، ولا تنام أعينهم، ولا تغض جفونهم، ولا تتوقف قوافلهم عن السير باتجاه العمل الإنساني، بكل نقاء، وكل صفاء، من عالم توحّده الملمّات، وتجمع شتاته حوادث الدهر.
هكذا هي الإمارات، دائماً لا تقف في منتصف الطريق، لتتفرج على المشهد، بل تدلف في العمق، وتعمل جاهدة على فتح نافذة الأمل، ليرفل العالم أجمع بسندس الفرح، وتمتلئ الشوارع بصيحات «عيشي بلادي»، ليعيش العالم دائماً بألف خير، ويهنأ الجميع بأحلام زاهية، لا يعكر صفوها، غبش الأوبئة.
شكراً لإماراتنا، إمارات الناس الأوفياء، وعشاق الفرح.