لو أن مسلسل «أم هارون» الذي تعرضه أكثر من قناة فضائية حالياً، خضعَ قبل العرض لعملية التدقيق، لكان تجنب الأخطاء التي وقع فيها، ومن بينها: إن القدس الشريف أرض الإسراء، والصحيح أنها أرض المعراج، ومكة المكرمة هي أرض الإسراء. وأن الانتداب البريطاني كان على أرض إسرائيل، وهذا خطأ، والصحيح أن الانتداب البريطاني كان على أرض فلسطين العربية. يضاف إلى أن الحلقات التي مرت من المسلسل شابها إخفاق في جعل المشاهد يعيش فضاءات المرحلة التاريخية التي تجري فيها الأحداث على أرض الكويت في العام 1948. يُتأمّل ألاّ تكون الحلقات المقبلة من حيث الأخطاء كسابقاتها. ولمن فاته مسلسل «أم هارون» فهو كويتي الإخراج والتمثيل، وتدور أحداثه حول امرأة يهودية عاشت في الكويت خلال المرحلة المذكورة، وتتعرض في حياتها لسوء فهم سببه ديانتها. دولة الكويت ليست الوحيدة في الخليج العربي التي كان بها يهود، فثمة دول أخرى في المنطقة عاش بها يهود مواطنون، مملكة البحرين واحدة منها، ف«هدى عزرا نونو»، المواطنة البحرينية، يهودية تعمل سفيرة للمملكة في واشنطن. واليمن مازال فيه يهود مواطنون يمارسون طقوسهم الدينية بحرية. ولسوء حظ «أم هارون» أنه يأتي في توقيت مضطرب لجهة المعطيات السياسية الدولية ذات الصلة بفلسطين. فما كادت تمر حلقات منه حتى انهالت عليه تعليقات عنيفة ونارية حمّلته أكثر مما يُحتمل. والحقيقة أن وزارة الإعلام والتلفزيون الرسمي الكويتيين، لا دخل لهما في المسلسل إنتاجاً وترويجاً. وبتقديري أن جلُّ الاتهامات بحق المسلسل انطلقت من فكرة المؤامرة وذهبت به إلى موضوع التطبيع الثقافي مع إسرائيل المحتلة لفلسطين. وهذه تهمة لا بيّنة قوية عليها. صحيحٌ أن المرحلة التاريخية الراهنة عالية الحساسيّة، وتعزّز جعل عامة الناس تخلط بين اليهودي والإسرائيلي، لكن ما خلُص المنتقدون إليه ليس صحيحاً، فاليهودية دين لا علاقة له بالكيانات السياسية المستجدّة. و«أم هارون» ليس فيلم «قائمة شندلر» لـ«ستيف سبيلبرغ» حتى يُصوَّب عليه بكل هذه النيران.

*إعلامي وكاتب صحفي