تعاملت دولة الإمارات العربية المتحدة مع أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) بدرجة عالية من الاحترافية، أكدت قدرتها الكبيرة على التعامل مع مختلف الظروف الاستثنائية، وجاهزية مؤسساتها المختصة، للتعامل مع الأزمات المختلفة، وهو ما أدى إلى نجاحها في حصار هذه الأزمة، التي ما تزال دول كثيرة تعاني الويل من تبعاتها المدمرة. وتؤكد مؤشرات كثيرة أن الدولة ماضية بعزم في استراتيجيتها الشاملة لمكافحة كورونا، وأن هذه الاستراتيجية ستحقق، بإذن الله تعالى، هدفها الكامل المتمثل في القضاء على تلك الأزمة بشكل نهائي وفي وقت أقصر مما كان متوقعاً.
وقد حملت الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك، العديد من المبشرات المهمة لنجاح دولة الإمارات في حصار كورونا، حيث بدأت الدولة في تخفيف القيود على الحركة والتنقل. وفي السياق نفسه، وجهت وزارة الصحة ووقاية المجتمع وبقية الجهات المختصة، الجهات المحلية الاقتصادية بدراسة إمكانية إعادة فتح جزئي للمراكز التجارية، بالتشاور مع شركائها من القطاع الخاص، مع مراعاة الاشتراطات الصحية والإجراءات الاحترازية والوقائية، وبما يلبي احتياجات الجمهور، ويصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وسلامة المجتمع.
وفي الواقع، فإن هذا النجاح الذي حققته دولة الإمارات في حصار كورونا تم بجهود جبارة ومتابعة دؤوبة من قبل قيادتنا الرشيدة التي وجهت بتوفير كل الإمكانيات والتسهيلات اللازمة لخوض معركة شرسة ضد جائحة فيروس كورونا المستجد التي غزت العالم على حين غرة، وحولته إلى جزر منعزلة، وضد كل ما أفرزته من تداعيات سلبية على حياة الناس وعلى الاقتصاد الوطني، الذي تأثر بشكل واضح من جراء الظروف الاستثنائية التي تمخضت عنها تلك الحائجة، كما حدث مع كل الدول الأخرى.
والواقع أن المتأمل في الاستراتيجية التي اتبعتها دولة الإمارات فيما يتصل بمكافحة كورونا، يكتشف بما لا يدع مجالاً للشك، أن مؤسسات الدولة المعنية كانت على مستوى الحدث، واستطاعت بشكل ممنهج ومدروس أن تخوض غمار حرب ضروس في مواجهة التحدي الذي خلّفته هذه الجائحة، والذي يعد الأخطر من نوعه الذي يواجه العالم منذ الحرب العالمية الثانية (1939- 1945).
ولأن مكافحة دولة الإمارات لجائحة فيروس كورونا المستجد تمت بطريقة احترافية، كما سبقت الإشارة، فإنها قد عملت على توظيف أحدث الوسائل في هذه المواجهة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن مؤسسات الدولة المعنية عملت على توظيف أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذه المعركة، حيث سجلت دولة الإمارات تسلسل الجينوم الخاص بالفيروس من قبل باحثين في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، ودشنت دولة الإمارات أكبر مختبر في العالم -خارج الصين- لفحص وتشخيص الإصابة بـ«كوفيد- 19»، وافتتحت مراكز الفحص بالمركبة في كافة إمارات ومناطق الدولة. واستخدمت الإمارات «ريبوتات» و«درونز» في عمليات التعقيم الوطني، إضافة إلى العديد من الابتكارات المرتبطة بعمليات الحماية الذاتية كالخوذة الذكية، ورادار تشخيص المؤشرات الحيوية، ومعدات الوقاية الذكية وممرات التعقيم.
وفي ظل المواجهة الشرسة التي قادتها مؤسسات الدولة المعنية ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) كان الاهتمام بالإنسان أولوية مطلقة، وهو أمر ليس بمستغرب أبداً، حيث إن الإنسان كان وما يزال محور اهتمام قيادتنا الرشيدة منذ تأسيس الدولة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وهنا تجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات شهدت إطلاق العديد من المبادرات التي جسدت التلاحم المجتمعي الكبير، في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم أجمع، ومنها برنامج «معاً نحن بخير» لدعم الأفراد والعائلات الأكثر تضرراً في المجتمع بسبب التداعيات التي تمخضت عنها جائحة فيروس كورونا المستجد. كما تم إطلاق مبادرة «صندوق الإمارات وطن الإنسانية» ويهدف لتعزيز جهود الدولة في الحد من تداعيات الفيروس الصحية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، ويتلقى الصندوق مساهمات الأفراد والمؤسسات المادية والعينية.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.