تنظر دولة الإمارات العربية المتحدة للعمل التطوعي باعتباره قيمة إنسانية تهدف من خلاله إلى تعزيز التنمية المستدامة، وبناء مستقبل أفضل للأجيال، يتحقق عبر بيئة تشريعية ومؤسسية تنظم العمل التطوعي، كهيئة الهلال الأحمر الإماراتي التي تواصل عملها على جذب المتطوعين، وإشراكهم في الأنشطة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، و«صندوق الوطن» الذي أطلقته مجموعة من رجال الأعمال الإماراتيين عام 2016، لتجسيد قيمة التلاحم المجتمعي في تحقيق التنمية المستدامة، والمنصة الوطنية للتطوع «متطوعين. إمارات»، والبرنامج الوطني التطوعي لحالات الطوارئ والأزمات والكوارث الهادف إلى تكوين قاعدة متميزة من المتطوعين، وتأهيلهم وتدريبهم لدعم ومساندة جهود الاستجابة الوطنية في هذه الحالات، وغيرها الكثير.
وفي «عهد كورونا» كان لكل مؤسسات التطوع في دولة الإمارات دور إنساني بالغ الأثر، ويتسم بالمأسسة والتنظيم، ففي الأسبوع الأول من الشهر الجاري، اعتمد مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تشكيل اللجنة الوطنية العليا لتنظيم التطوع خلال الأزمات، يترأسها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، سعياً إلى تطوير منظومة متكاملة ومستدامة للعمل التطوعي خلال الأزمات، وبالتعاون مع الأطراف المعنية بالعمل التطوعي في الدولة كافة، حيث جاء تشكيلها في ضوء القرارات التي أعلنت عنها الحكومة للوقاية من الفيروس، ودعم وتنسيق العمل التطوعي وأنشطة خدمة المجتمع على مختلف الصعد.
كما جاء إطلاق فعاليات الحملة الوطنية «الإمارات تتطوع» التي أعلنت عنها «اللجنة» في منتصف أبريل، من أجل توحيد الأنشطة التطوعية على المستوى الوطني، وتعزيز التكامل والتعاون بين جميع القطاعات الحكومية والخاصة، وتعزيز المشاركة المجتمعية التي تعزز من قيم وممارسات التلاحم والتعاون ودعم الجهود الوطنية لمواجهة كورونا، من خلال دعم جهود المتطوعين، وتسخير خبرات ومهارات ومواهب أفراد المجتمع وإشراكهم في عملية التطوع الميداني والافتراضي، ضمن منظومة متكاملة ومستدامة للعمل التطوعي خلال الأزمات، تستقطب أصحاب الخبرة والمهارات من الكادر الصحي، من أطباء وممرضين ومسعفين، وتوفر فرصاً تطوعية عن بُعد يتمكن فيها مختلف أفراد المجتمع من المساهمة في الحملة من منازلهم، بخبراتهم ومهاراتهم، من خلال المنصة الوطنية للتطوع «متطوعين. إمارات».
وإضافة إلى ذلك، اعتمدت الهيئات التطوعية في الدولة مبادرات لكفالة الأيتام، محلياً وإقليمياً ودولياً، وعملت على توفير الدعم الغذائي للمعوزين من الأفراد والأسر، كان أبرزها «حملة 10 ملايين وجبة»، التي أُعلن عنها مؤخراً، والتي تجاوزت قيمة المساهمات المجتمعية فيها لغاية الـ27 من إبريل الجاري نحو 11 مليون وجبة، وذلك خلال أيام قليلة من انطلاق هذه الحملة المجتمعية الضخمة، التي ستتواصل طوال أيام الشهر الفضيل. كما استمرت مؤسسة «خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية» بتوزيع آلاف الوجبات على العمال في المناطق الصناعية خلال الأيام الأولى من الشهر المبارك، ضمن مشروعها الرمضاني «4.5 مليون وجبة رمضانية للعمال» في أبوظبي والعين والظفرة، و«هيئة الهلال الأحمر» التي عملت على توزيع المير الرمضاني في اليمن، استفاد منه 360 ألف شخص في حضرموت وشبوة والساحل الغربي بمحافظة الحُديدة.
لقد تأصل العمل التطوعي وتعزز في دولة الإمارات خلال هذه المرحلة التي تعصف بالعالم، ليؤكد للعالم أجمع أن الدولة بقيادتها الحكيمة وأبنائها ومؤسساتها، تنظر للعمل التطوعي بوصفه واجباً وطنياً، يؤديه الجميع في إطار المسؤولية الشخصية والوطنية والأخلاقية، وفاءً للوطن وانتماءً للإنسانية، تجسّد ذلك كله بتقديم الطرود الصحية والطبية لدعم جهود مكافحة كورونا عالمياً، حيث قامت الدولة، ولغاية يوم الاثنين الماضي، بإرسال أكثر من 314 طناً من المساعدات الطبية إلى أكثر من 27 دولة في العالم.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.