يلتقط العالم أنفاسه في هذه الأيام، مع اقتراب نهاية أبريل، ويتطلع إلى ترجيحات العلماء بتراجع عدوى «كوفيدـ 19» في مايو، بعدما يكون بلغ ذروته في دول كثيرة، وترافق ذلك مع بدء إعادة فتح القطاعات الاقتصادية، وتخفيف الحظر والإغلاقات، لاحتواء الأضرار المعيشية البالغة على شرائح اجتماعية كثيرة، وعلى عجلة الاقتصاد عموماً.
وفي الإمارات، عادت حركة الناس إلى المراكز التجارية، مع قدوم الشهر الفضيل، وتنطلق الأسبوع المقبل ناقلاتنا الوطنية إلى 22 وجهة عالمية، ولا تزال إدارة الطوارئ وفرق الأزمة تواصل العمل الحثيث منذ بداية العام، وتتواصل مع مثيلاتها في الإقليم والعالم، للعبور من هذه المرحلة.
لا يعني ذلك أننا -أو غيرَنا- تجاوزنا الخطر، ولكن لا خيارات سوى الإصغاء لآلاف العلماء حول العالم، وهؤلاء يتوقعون نشاطاً أقل للفيروس منذ مايو حتى نهاية أغسطس، والاستماع أيضاً إلى احتياجات الناس في العمل والحياة، من خلال إعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية، فهذا شكل آخر من أشكال مكافحة الجائحة.
إيقاع الحياة في رمضان هذا العام، يختلف عن ما نعرفه جميعاً في السنوات الماضية، ومقاصد الشريعة الإسلامية ركّزت أساساً على حفظ النفس والحياة، وقد تكيف علماء الشريعة الإسلامية مع «الضرورات»، برخص وفتاوى، تؤكد يسر ديننا الحنيف، وتخفف على الناس في القيام بعباداتهم في الشهر الفضيل.
لنتجاوزْ نزعاتنا الاستهلاكية، وأنماطاً غير محمودة في الإنفاق، ولنعتبرْ أنّ مجيء شهر الصوم في ظل هذه الجائحة فرصة نادرة للتكيف مع معظم تفاصيل حياتنا التي تغيرت، منذ أن أصبح التباعد وسيلة أساسية للنجاة، ومنذ أصبحنا مضطرين لارتداء الكمامات، ومواجهة وباء يواصل حصد ملايين الإصابات والضحايا في قارات العالم.
ولتكن تجربتنا في العودة التدريجية متأسسة على الحذر والالتزام بالوقاية والتباعد، فالفيروس لم ينته، وعودة موجته الثانية في الخريف شبه مؤكدة، وإلى ذلك، نكون قد خضنا مراناً وطنياً واجتماعياً، على مدار شهور طويلة، في التصدي للوباء، ما يساعدنا على التأقلم، واستيعاب الاحتمالات الغامضة، بإذن الله. 
اقتصادنا متماسك ومتنوع، وهو يمتلك كل المقومات اللازمة لاحتواء الزلازل المتتابعة في الاقتصاد العالمي، ودولتنا لا تزال في مقدمة بلدان العالم التي قدمت نموذجاً يُحتذى به في إدارة الأزمة، ولم تقتصر جهودها الجبارة داخل حدودها، بل كنا السباقين إلى غوث شعوب كثيرة، وعبرت قيادتنا عن شخصيتنا الإنسانية بنجدة المحتاج والإيثار في أحلك الظروف التي تواجهها البشرية.
وكل عام وأنتم بخير.