منذ أن اعتمدت دولة الإمارات العربية الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي أواخر عام 2018، أثبتت جدارتها في الوصول إلى منظومة مستدامة من الأمن الغذائي، وهو ما جعلها اليوم، وفي ظل انتشار وباء كورونا عالمياً، قادرة على تأمين غذاء كافٍ، متجاوزة التحديات التي واجهتها دول العالم في ظل تأثر الإنتاج وتعطل سلاسل الإمداد، وذلك انطلاقاً من قيام الاستراتيجية الوطنية تلك على تحديد 18 صنف غذاء رئيسياً، لتبدأ بعد ذلك الدولة بخطوات لتعزيز أمنها الغذائي من هذه الأصناف، عبر تنويع مصادر الاستيراد، وتحديد خطط توريد بديلة، وتسهيل تجارة الغذاء، إضافة إلى نجاح مساعيها في تعزيز قدرات إنتاج الغذاء المحلية.
وأكدت الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، في تقرير صدر عنها مؤخراً بعنوان «مبادرات حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة أزمة كورونا»، نجاح المبادرات التي اتخذتها الدولة في تعزيز الأمن الغذائي ضمن إجراءاتها الاحترازية لمنع تفشي كورونا، حيث أسهمت الخطوات التي اتخذها مجلس الإمارات للأمن الغذائي في تعزيز المخزون الوطني من الإمدادات الغذائية والصحية، مشيرة الهيئة في تقريرها إلى قانون المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية الذي صدر في مارس الماضي، بوصفه «خطوة ذات بعد استراتيجي لتعزيز منظومة الأمن الغذائي، وتسهم في رفع اكتفاء الدولة من احتياطي السلع الغذائية الرئيسية في مختلف الظروف، بما فيها حالات الأزمات والطوارئ والكوارث».
وورد في تقرير الهيئة أن اعتماد المجلس آلية مراقبة نظم استيراد الغذاء ومتابعة حركة البضائع والمنتجات الغذائية الرئيسية ضمن مختلف مكونات سلسلة الإمداد تتضمن 3 مراحل رئيسية، تتعلق بالحركة اللوجستية على المنافذ الحدودية، وبيانات الميزانية الغذائية العالمية التي ترصد كميات الأغذية المتوافرة للتداول والتصدير في الأسواق العالمية، وبيانات الرصد المبكر للإنتاج الزراعي باستخدام تقارير نظام مراقبة معلومات الأسواق الزراعية. كما وضع المجلس خطة تنويع مصادر استيراد أصناف الأغذية الرئيسية لتمكين تجار الأغذية من توفير الأغذية بسلاسة، وإجراءات أخرى عديدة، ترفع من اكتفاء الدولة من احتياطي السلع الغذائية الرئيسية في مختلف الظروف.
إن اعتماد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 2020 بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، في حال حصول أزمات وطوارئ وكوارث والهادف إلى تحقيق الاستدامة في الغذاء، يعدّ من أهم الخطوات التي جاءت في وقتها، لكونه قد حدد عدداً من الالتزامات لتطبيق إجراءاته، وبين اختصاصات وزارة الاقتصاد في اقتراح السياسات والخطط والبرامج المتعلقة بالمخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، والعديد من المهام التي تؤثر إيجابياً في حجم وكمية مخزون الأمان الغذائي على مستوى الدولة. كما تكمن أهمية هذا القانون في تقديم ضمانات لحصول التجار والمزودين على حزمة من الحوافز والتسهيلات مقابل التزامهم بالمعايير المنصوص عليها.
إن المنظومة الغذائية التي عملت عليها الدولة بشكل متنوع ومتكامل، عززت من قطاع الصناعات الغذائية والمشروبات الذي شهد خلال السنوات الماضية نمواً متسارعاً، إذ بلغ حجم الاستثمار فيه 62 مليار درهم، ما مكنه من أن يسهم هو الآخر في تحقيق مبتغيات استراتيجية الأمن الغذائي، وذلك بعد نجاح القطاع في تغطية جزء كبير من احتياجات السوق المحلي بالمنتجات الغذائية الأساسية، حيث تشير التقديرات إلى أن مصانع المواد الغذائية والمشروبات المسجلة لدى وزارة الطاقة والصناعة وصلت إلى أكثر من 500 مصنع موجودة في مختلف إمارات الدولة، جميعها تعمل بطاقة إنتاجية عالية لتأمين متطلبات الأسواق ومنافذ البيع المحلية، والتصدير إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، وهو ما جعل منتجات الصناعات الغذائية الإماراتية تثبت جدارتها في حجز مكانة مرموقة لها في كبرى الأسواق العالمية.
* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.