من أقام في سويسرا لفترة، أو زارها لمرات عديدة، يلاحظ عدم وجود دوريات للشرطة، ولكنها سرعان ما تظهر عند الحاجة، ليس اعتماداً على كاميرات المراقبة فقط، وإنما على يقظة الأهالي، وبالذات في القرى والبلدات الصغيرة، وسكانها الذين لا يترددون في إبلاغ السلطات بأي شيء مريب يرونه.
عندما نتحدث عن تلك البلاد في هذا الجانب، نتذكر كيف أحبطت امرأة عجوز عملية لجهاز استخبارات أجنبي كان يريد تصفية أحد المعارضين، لمجرد شكوكها بالمنفذين الذين كانوا يرتدون ملابس عمال صيانة في وقت غير معتاد عليه هناك، فأبلغت الشرطة التي جاءت، وألقت القبض عليهم. وتسبب الحادث في أزمة دبلوماسية مع البلد الذي يتبعه أولئك العملاء.
وذات مرة كان أستاذ جامعي من العالم الثالث يعمل في إحدى الجامعات النرويجية، يقود سيارته برفقة زميل له عائدين من سهرة في وقت متأخر من الليل، وعند إحدى إشارات المرور، وكانت حمراء، والطريق من كل الاتجاهات خالٍ، مضى دون أن يتوقف، ليفاجأ في اليوم التالي بالشرطة تحرر له مخالفة تجاوز الإشارة الحمراء، وليكتشف أن زميله قد بلّغ عنه.
 الموضوع ليس كما يعتقد البعض، ويبسطه بأنه «وشاية» أو يهز الأكتاف علامة عدم المبالاة، إنما وعي وإدراك راقٍ بالمسؤولية، ودور كل منا لحماية مجتمعه وبلاده.
عندما تخصص الجهات المعنية أرقاماً للتواصل معها للإبلاغ عن أية مشاهد أو ظواهر مقلقة، فإنما ذلك حرصاً منها على إشراك أفراد المجتمع في جهودها وأعمالها، فالوسائل والقدرات لديها، ولا تنقصها الإمكانيات، وإنما الهدف غرس روح المسؤولية في الجميع، وبأن كلاً منهم مسؤول.
خلال الأيام القليلة الماضية تابعت بإعجاب ثلاثة مشاهد، الأول من أمام سوق الأسماك في منطقة الميناء بأبوظبي لمواطن يوجه وافداً لطرق أبواب الجمعيات الخيرية بدلاً من التسول أمام سيارات مرتادي السوق، وبأن فعله مجرّم قانوناً، وإذا لم يكف عن فعلته سيبلغ عنه السلطات. والمشهد الثاني لعامل آسيوي بسيط في سوق الخضراوات في المنطقة ذاتها كان يمنع الذين لا يرتدون القفازات من دخول محله التزاماً بالإجراءات الاحترازية.
أما المشهد الثالث، فقد كان من رأس الخيمة عندما لاحظ مواطن وقوف سيارة في منطقته تبيع كمامات وأدوات طبية، فارتاب في الأمر، وبلّغ الجهة المختصة التي ضبطت المخالفة وأصحابها، وكرمت المُبلغ.