أنفق الرئيس الأميركي دونالد ترامب جانباً كبيراً من عطلة عيد الفصح، في التذمر من التقارير الصحفية التي أوضحت تقاعس إدارته عن الاستجابة المبكرة لفيروس كورونا، مما أدى إلى فقدان آلاف الأرواح، وفي الرابع من أبريل، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريراً، يفيد أن الأمر استغرق 70 يوماً بين إخطار ترامب بخطورة تهديد كورونا وبين البدء بمعالجته له «ليس كتهديد بعيد أو كسلالة غير ضارة من الإنفلونزا خاضعة للسيطرة جيداً، بل كقوة قاتلة قد تتفوق على دفاعات أميركا، وقادرة على قتل عشرات الآلاف من المواطنين».
وجاء التقرير المحوري بعد أسبوع من نشر تحقيق لصحيفة «نيويورك تايمز»، استند في جانب منه إلى سلسلة مذهلة من رسائل البريد الإلكتروني من عشرات الخبراء في وكالات الحكومة ومنظمات الصحة والجامعات، ولم تدع رسائل البريد الإلكتروني، والتي عرفت باسم «الفجر الأحمر»، مجالاً للإنكار بأن التنبيه من الخطر تم إطلاقه قبل شهور، بينما كان ترامب يطمئن الأمة بأن الفيروس ليس أخطر من الإنفلونزا، وسيختفي سريعاً.
ويدرك الرئيس الصورة التي ترسمها له هذه التقارير، ولذا فقد طفق يهاجمها في كل اتجاه، معتمداً على تقنيته التي جربها وأثبتت فعاليتها، والمتمثلة في استهداف الصحافة، فقد كتب تغريدة على تويتر، قال فيها عن تقرير «نيويورك تايمز»: إنه «كاذب مثل الصحيفة نفسها».
وبحلول نهاية العطلة، أذاعت شبكة «سي. بي. إس» في برنامجها «60 دقيقة» تقريراً قوياً غطى المشهد البائس لعمال الرعاية الصحية، الذين يفتقرون لأدوات الحماية الأساسية. وتضمن البرنامج مقابلة مع كبير مستشاري ترامب، بيتر نافارو، الذي أشاد باستجابة الحكومة السريعة والفعالة في «عصر ترامب»، ووصف نافارو التقارير التي تحدثت عن تأخر الإدارة في الاستجابة لكورونا بـ«الأنباء الكاذبة».
سيعود المؤرخون إلى هذا التوثيق، حين يقيّمون استجابة الإدارة للأزمة، لكن الرئيس لا يبالي بهذا، ويأمل أن يصدقه الناخبون حين يصف الأنباء بـ«الكاذبة»، ويظهر تاريخ إدارة ترامب أن أعلى صيحات «الأنباء الكاذبة» تصاحب أخطر التقارير الصحفية، وصدور هذا الوصف من الرئيس أصبح له معنى آخر، وهو «التقارير الصحفية الدقيقة للغاية التي تدمر سمعتي»، وهناك كثيرون مستعدون لتصديق الرئيس، حين يقول لهم ألا يصدقوا أحداً غيره، حتى ولو كان الدليل أمام أعينهم.


*صحفية أميركية
ينشر بترتب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»