على الرغم من الظروف الاستثنائية التي تسبب بها انتشار مرض فيروس كورونا المستجدّ وتحوله إلى جائحة عالمية ألقت بظلالها الثقيلة على حياة الناس في أنحاء العالم كافّة، وفرضت عليهم قيوداً طالت تفاصيل حياتهم اليومية وحدّت من قدرتهم على الحركة وممارسة أنشطتهم المفضلة في كثير من الأحيان، فإننا في دولة الإمارات، وعلى الرغم من تأثرنا بهذه الظروف، نشهد يومياً ونلمس مؤشرات إيجابية تبعث التفاؤل في النفوس وتبشر بأن الانتصار على هذا العدو الخفي حتمي بإذن الله.
صحيح أن هناك تخوفاً لدى الأفراد من انتشار المرض أو الإصابة به وهو أمر طبيعي بل ومفيد، لأنه يدفع الإنسان إلى أخذ الأمر على محمل الجدّ وعدم التهاون في الاستجابة إلى التوجيهات اليومية التي تصدر عن الجهات المختصة بخصوص الوضع القائم عالمياً، وتعزز لدى كلّ فرد في المجتمع مستوى الشعور بالمسؤولية تجاه نفسه وأهله وعائلته والمحيطين به، وهو ما يصب في النتيجة في صالح صحة وسلامة المجتمع ويعزز جهود الدولة لمنع تفشي الفيروس على الصعيد المحلي ويدعم مساعيها لمواجهة هذه الأزمة على الصعيد العالمي من خلال ما تقدمه من مساعدات وما تبديه من تضامن مع الدول كافة، سواء تلك التي تعاني ارتفاعاً في أعداد الإصابات أو ذات العدد المحدود منها، وما تبعث به من رسائل تدعو للوحدة والتضامن والتكاتف بين أبناء الإنسانية كافة لمواجهة هذا التحدي غير المسبوق.
إجراءات وتدابير الوقاية من كورونا توحي في ظاهرها بنوع من العزلة نتيجة دعوتها إلى التباعد الاجتماعي وتجنب الاختلاط والبقاء في المنزل واقتصار الخروج منه على ضرورات العمل أو شراء المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية، إلا أنها بكل تأكيد لا تستهدف تغيير نمط الحياة ولا الحدّ من الحريات الشخصية ولا التدخل في طبيعة العلاقات الاجتماعية ولا تعديل العادات والتقاليد، وإنما تسعى لحفظ الأرواح وصون الصحة على المستويين الفردي والجمعي، وتسريع وتيرة مسار انتهاء الأزمة واحتوائها والسيطرة التامة عليها ليتمكن الجميع من العودة إلى حياتهم الطبيعية، ولتتمكن عجلة العمل والإنتاج من معاودة دورانها وتسارعها.
على هذه الأرض الطيبة تضاء مشاعل الأمل والتفاؤل دائما لتؤكّد أن القادم أجمل، وأن الفرج قريب، وأن هذا الوقت سيمر من دون أن يضرّ، كيف لا، ونحن نتفيأ ظلال وطن أولويته الإنسان بلا منازع.. تحدو ركبه قيادة رشيدة همّها الأول أن يكون شعبها بخير آمناً مطمئناً لا ينغص عيشه منغّص ولا يعكر صفو حياته طارئ، وتبعث في نفوس أبنائه السكينة والرضا والفخر وتؤكّد لهم أن جودة حياتهم هي أولى أولوياتها، فتخاطبهم بصوت الأب الحاني والأخ العطوف بقولها «لا تشلون همّ»، فيدركون أن صحتهم وحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم في أيد أمينة.
مؤشرات الأمل والتفاؤل تتزايد بفضل الله، ثم بفضل توجيهات القيادة الرشيدة وجهود المخلصين من كوادرنا الصحيّة وأجهزتنا الأمنية وقطاعاتنا العاملة في مواجهة الأزمة، التي تتمخض كلّ يوم عن إنجازات جديدة تسهم في محاصرة المرض وتقليل فرص انتشاره، فحالات الشفاء والتعافي في زيادة حيث بلغت حتى الأربعاء الماضي 1034 حالة، وعمليات الفحص والتقصي الوبائي في توسّع كبير وتسهم بشكل فاعل في الكشف عن الإصابات وعن المخالطين وتحويلهم إلى العلاج والحجر الصحي حتى لا ينقلوا العدوى إلى غيرهم، وتقنيات الفحص والعلاج تشهد تطوراً وتحديثاً مستمراً وفق أفضل ما وصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال.
في المسار العلمي أيضاً كانت للإمارات بصمتها في الحرب على «كورونا المستجدّ»، حيث تمكن «مركز التحكم والسيطرة لمكافحة فيروس كورونا» من تسجيل تسلسل الجينوم الخاص بالفيروس، الأمر الذي يسهم في إيجاد أفضل السبل الممكنة لعلاج المرضى عبر توفير فهم معمق ومبني على أسس علمية لانتقال الوباء وكيفية تطوره وانتشاره. نحن بخير وسنظل كذلك ما اقتدينا بقيادتنا وتجاوبنا مع إرشادات أجهزتنا المعنية.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاسترلتيجية.