منذ أن أعلنت الإمارات- وبكل شفافية -عن أول حالة مصابة بكورونا، دخلت تاريخ هذا المرض كأول دولة عربية يتأكد فيها الإصابة بداء لم يعرف العالم له دواء حتى كتابة هذا المقال. ولأن الإمارات أضحت رقماً عالمياً صعباً، وتجربة عربية متفردة، ظل السؤال عند الكل ماذا ستعمل؟ وكيف ستتصرف؟ وهل هي جاهزة لهذا التحدي؟
في تلك الفترة كنت ضيفاً على بعض الجامعات الأميركية متنقلاً بين أكثر من ولاية، وقد سعدت بأن الناس يعرفون الإمارات ويتابعون أخبارها، رجعت بمخيلتي إلى الثمانينيات عندما بدأتُ الدراسة في أميركا، وكان من الصعب حينها أن نحدد موقع بلدنا من العالم، وكنا كطلبة نعيش أمنيات أن نجد في الوطن بعض التميز الذي نراه في أميركا من بنية تحتية قوية وتطور في أنظمة الإدارة وغيرها، ولله الحمد والمنة، خلال 3 عقود أصبحت الإمارات رمزاً عالمياً للتميز، فالبنية التحتية لدينا أفضل بكثير من جل الولايات الأميركية، وتميز في إدارة الشأن العام يضاهي ما في العالم. لذلك كان التحدي أن نتعامل مع هذه الجائحة بصورة ناجحة.
«أذكركم أنا بدينا الحكومة الإليكترونية من قبل عشرين سنة» بهذه العبارة اختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اجتماع مجلس الوزراء هذا الأسبوع، وها نحن نقطف ثمار ذلك التخطيط المبكر، فقد استطاعت كل المؤسسات أن تبدأ مشوار العمل عن بُعد، دون أن تتأثر الخدمات المقدمة، وبينما قررت بعض الدول تعطيل المدارس وإلغاء هذا العام الدراسي، أكمل التلاميذ في الدولة عامهم الدراسي من بيوتهم، دون كلل أو ملل أو خلل يذكر في المنهاج. ولأن الدواء والغذاء خط أحمر كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شعر الناس في الوطن بالاستقرار والطمأنينة، وقس على ذلك بقية الخدمات.
ملخص القول، قيادة حكيمة عطوفة لها نظرة استراتيجية وردة فعل إيجابية تجاه المحنة، تقابلها ثقة مطلقة من شعب راهن على تلك القيادة وكسب الرهان، النتيجة أن المواطنين والمقيمين في الدولة حمدوا الله أنهم يعيشون على أرض يتمنى الناس أن يكونوا عليها خلال هذه المحنة.
حكومة الإمارات رفعت راية السلم العالمي والتواصل الإنساني، فلم تكن أنانية في خططها تجاه هذه المعضلة، كما فعلت بعض الدول، بل حركت قوافل المساعدات الطبية، لخدمة الإنسانية، فنالت وسام السبق وسجل لها التاريخ بأجمل حروفه هذه المواقف المتميزة.
ولأن للنجاح ضريبته وللتميز أعداءه، بدأت الألسن المريضة في التشكيك في الجهود المبذولة، فشنت غاراتها الإعلامية على هذه الدولة الحضارية، وقد تصدى الغيورون لهذه الإشاعات عبر الكثير من المنصات، بيد أن لنا وقفة مع بعض الأجهزة الإعلامية التي لم توفق في إعادة النظر في خريطة بثها المرئي.. هذه فرصتهم، الناس في بيوتهم وقد رجعوا للتلفاز مرة أخرى، فهل من وقفة لإعادة النظر في ما يقدم، كي نحقق الهوية الإماراتية الإعلامية التي وجه بها المجلس الوطني للإعلام؟
*أكاديمي إماراتي