الجمرة الخبيثة.. إنفلونزا الخنازير.. إنفلونزا الطيور.. سارس.. الإيدز.. كورونا.. وغيرها الكثير من الأمراض المعدية التي انتشرت في العالم، وخلّفت أرقاماً كبيرة من الإصابات، وأرقاماً كبيرة أخرى من الوفيات والأضرار الاقتصادية الواسعة، كما نشهد الآن في ظل وباء كورونا الراهن الذي شل الاقتصاد العالمي، وأوقف الأنشطة الرياضية والثقافية، وجعل المدن والشوارع في كثير من دول العالم تبدو خالية بالكامل.. كما أصاب السياحة في مقتل، ويوشك أن يتسبب في انهيار المنظومات الصحية للعديد من الدول، وبسبب كورونا توقفت المطارات، وتوقفت حركة الطيران وحركة السفر والتنقل بين الدول، وتخلى الناس عن الكثير من العادات والتقاليد السابقة، بما فيها التزاور بين الأصدقاء والأقارب وحتى المصافحة، وباختصار شديد فقد مثّل فيروس كورونا اختباراً حقيقياً لمدى تطور النظم الصحية الحديثة، ومدى قدرة الدول على العمل والتحرك بسرعة، من أجل إنقاذ البشر من الوباء ومحاصرته ومنع انتشاره.
الكثير من الأطباء وباحثو علوم الأحياء حذّرو من خطورة فيروس كورونا، ومن احتمال توجه بعض العلماء والمؤسسات العلمية المختصة بقضايا الصحة، لخدمة أهداف غير علمية وغير إنسانية.
وقد حذّر كتاب ومفكرون كثر من حدوث أمراض معدية ومميتة قادمة، ومن أنه إذا لم يتوقف الباحثون والعلماء المتخصصون في العلوم البيولوجية عن الأبحاث العلمية المضادة للأخلاق والقانون، فإن هذه الأمراض المعدية سوف تفتك بالبشر، خاصة مع التحولات التقنية الهائلة التي عرفتها حياة الإنسان، خلال العقدين الأول والثاني من القرن الحادي والعشرين، والتي أحالت الإنسان من عصره التقليدي، الذي كان يعيشه إلى نمط حياته الجديدة وحضارته المقبلة، ولا يعلم إلا الله ما يمكن أن يصل إليه الإنسان والأرض والطبيعة في زمن «توحش الإرهاب البيولوجي».
وإن المتفكر والمتبصر في آيات القرآن الكريم، سوف يجد أن الكثير من التصورات العلمية الحالية، سبق أن تحدَّث عنها القرآن الكريم بإشارات وصيغ مختلفة ومتنوعة، وإن لم يلاحظ المفسرون الأوائل ذلك، وقد حفل القرآن الكريم بتحذيرات كثيرة من «الفساد في الأرض» ومن «تبديل خلق الله».
ويذكر العالم البريطاني «مارتن ريس»، في كتابه «ساعتنا الأخيرة»، الأسباب العلمية التي جعلت الإنسان يصل إلى لحظة، تصبح فيها علومه ومخترعاته تهدد البشرية ومستقبلها، مما يتجلى في مخاطر الإرهاب النووي، والفيروسات المميتة المعدلة وراثياً، ومحاولات الاستنساخ وجهود الهندسة الوراثية الرامية لتغيير طبيعة البشر، وحسب «ريس» فإن احتمالات فناء الكون أصبحت في الوقت الحاضر كبيرة، وقد ارتفعت إلى 50%، بعد أن كانت 20% قبل 100 عام، لأن «العلم يتقدم بدرجة لا يمكن التنبؤ بها في أي وقت»، ثم يضيف: «كل هذا يتم بتدبير من أشرار»، قبل أن يسجل تنبؤه القائل: «الخطأ البشري سوف يحدث في عام 2020، الذي سوف يتسبب بمقتل مليون إنسان».
لقد تحدّث القرآن الكريم عن الظواهر الكونية وسماها «آيات الله»، وقال في التنبيه عقب كل آية كونية: «لقوم يعقلون» أو «يتفكرون» أو «يؤمنون» أو «يوقنون».
فهل تفتح تجربة العالم، بمجتمعاته ومؤسساته العلمية والصحية، مع وباء كورونا الحالي، مستقبلاً واسعاً للعلم والمعرفة في حل الأزمات ومجابهة التهديدات وليس خلقها وإيجادها؟

*كاتب إماراتي