حين يفكر معظمنا في «الذكاء الاصطناعي» ربما ينصرف ذهنه إلى الخيال العلمي. لكن كتاب «تبدو كشيء وأنا أحبك: كيف يعمل الذكاء الاصطناعي؟ ولماذا يجعل العالم مكاناً أشد غرابة؟»، لـ«جانيل شين»، يلقي الضوء على نواحي القصور في هذا المجال بطريقة ممتعة. و«شين» باحثة في مجال البصريات ومؤلفة مدونة AI Weirdness (غرابة الذكاء الاصطناعي). والعبارة الأولى غير المنطقية من العنوان، من منتجات لوغاريتم أعدته لتأليف عبارات الغزل والتودد.
و«الذكاء الاصطناعي» مصطلح عام، يشير إلى حقل من البحث يسعى لابتكار أجهزة كمبيوتر أكثر ذكاءً. وذكاء الكمبيوتر يتجلى في المهام المحددة جيداً، فكلما كانت المهمة شديدة التحديد، كان أداء الكمبيوتر أفضل. لكن المشكلات تبدأ حين يبدأ عالم بوضع لوغاريتم للقيام بمهام تتطلب ثروة من المعرفة، يعتبرها البشر من المسلمات. ففي عام 2016، مثلاً، قرر سائق أن يستخدم وظيفة القائد الآلي في سيارة تسلا، وكانت النتيجة أن اصطدمت السيارة بشاحنة وهي تعبر تقاطعاً، لأن القائد الآلي لا يمكنه التعرف إلا على الشاحنات التي تأتي من خلف السيارة. وتعرف الذكاء الاصطناعي على الشاحنة باعتبارها لافتة.
وتعترف شين بالمخاطر البالغة التي تمثلها حدود الذكاء الاصطناعي، لكنها تركز على جانب مرح من الموضوع. وبلغة جميلة بمستوى الحديث العادي، تقدم توضيحات للمفاهيم الأساسية في الذكاء الاصطناعي. ولنأخذ مثلاً، اثنين من «المبادئ الخمسة لغرابة الذكاء الاصطناعي»، حيث تقول إن الذكاء الاصطناعي لا يفهم المشكلة التي تريده أن يحلها، والذكاء الاصطناعي يسلك الطريق الأقل مقاومة إلى هدفه المبرمج.
وتعود شين من حين لآخر إلى الجانب الأكثر ظلاماً في الذكاء الاصطناعي. فقد اتضح أن لوغاريتماً تجارياً تستخدمه ولايات كثيرة للتوصية بالإفراج المشروط عن سجناء، تقل به كثيراً احتمالات التوصية بالإفراج المبكر عن سجناء أميركيين أفارقة، بصرف النظر عن سلوكهم وعمرهم. وهذا لأن اللوغاريتم استند إلى بيانات مستقاة من السجلات التاريخية للنظام القضائي أصدر فيها القضاة أحكاماً أشد، بشكل غير متناسب، على الجناة الأميركيين الأفارقة، مقارنة بأحكامهم على الجناة البيض. بمعنى أن اللوغاريتم يثبت ويكرر التحيز البشري.
وكتاب شين يفتح أعيننا على موضوع جاد، لكنه يبدو أحياناً هزلياً بشكل غريب.
كيفين أوكلي
*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»