أن يكون لك كوخ خشبي على حافة جزيرة نائية بعيدة، تستقبل الصباحات بخفة ريشة طائر، وتحلق مثل فراشة على الصخور والبحيرات الصغيرة، أن تقلد طائر النورس في تحليقه الجميل، تراقب التقاطه للأسماك الصغيرة، تفرح لتجمعات الطيور البيضاء فوق سطح البحر الهادئ الأزرق، أو استراحته على الشاطئ وحافة الماء/‏‏‏ البحر..
أن تحدد الجهة التي تسير إليها شرقاً أو غرباً، شمالاً أو جنوباً، لا حدود ولا زمن لوقتك أو غذائك أو استراحتك.
وأن تسهر في عد النجوم، وترحال القمر في مسيره إلى الأفول أو الاختفاء خلف غيمة، أن لا تعرف شيئاً عن النواهي، وألا تعرف إشارة أو حتى سياجاً تعلق فيه وأنت عاجز عن أن تطير بحرية مثل نورس، أو تسير في الفلاء مثل غزال أو وعل، حتى وإن كنت جواداً أو نسراً؛ فلا أهمية لك.. إن سلبت روحك المحلقة، الباحثة عن فضاء واسع ترحل إليه، متى شئت ورغبت أو نويت التحليق والرحيل، أو أن تغني للشمس والأزهار والمطر..
حلم أن تكون في فضاء الله وجنته وأرضه الواسعة، بعيداً عن كل أصناف الزجر، هل تملك أن ترحل إلى البعيد عن أزمة مسيجة، وأين ما نويت الرحيل والحرية...
أمس، كان يسير في أرض واسعة وفضاء مفتوح، وحده والنسيم البارد العليل الذي يهب في المساءات الجميلة، لا شيء حوله غير نباتات خضراء، توزعت هنا وهناك وعصافير تمر مسرعة عائدة إلى أعشاشها فوق الأشجار الكبيرة.
من بعيد، تأتي زقزقاتها ونشيد تجمعها الذي يسري إلى مسافات بعيدة، تلك الموسيقى البديعة أنيس دربه وسيره المتمهل الخفيف، أن تكون وحيداً، فأنت في عالمك الخاص الجميل.
اليوم.. ها هو في حجره، يحلم بأن يرحل بعيداً، يحلق بعيداً، ويهذي حتى أنه تصور أنه وحيد في جزيرة نائية، ولديه كوخ خشبي، ولا صديق غير النوارس والأسماك والبحر.
ما زال سادراً في حلمه وأمله، بأن تحمله الريح بعيداً..
العزلة جميلة ورائعة، وباعثة على الحب والجمال وسعة الخيال، فقط أن تكون وحدك الذي يختارها.