تتزايد في دول كثيرة في العالم، ومنها الإمارات، فحوص التقصي الوبائي للأشخاص، بحثاً عن مصابين بفيروس كورونا المستجد. وربما يتساءل كثيرون عن جدوى هذا الفحص المكلف، والغاية منه، علماً أن مجرد إجرائه، لا يقدم أي ضمانات بعدم الإصابة في اليوم التالي.
هذا هو الواقع الآن. لكن المعلومات الطبية عامل أساسي في مكافحة انتشار «كوفيد 19»، والعثور على إصابات، يساعد في عزلها صحياً، وتخفيف أضرار المخالطة، فمثلاً، ساهم مسار التقصي في الإمارات في اكتشاف حالات وتوثيقها والمضي قدماً في برامج الحجر وتتبع المخالطين والعلاج، ما يعني مزيداً من الخطوات التي تؤدي إلى السيطرة.
ارتفاع أرقام المصابين في أي دولة، تنتج عنه ضغوطات هائلة على القطاع الصحي. حيث يتطلب الأمر مزيداً من الأسرّة في المستشفيات، وأجهزة إضافية للتنفس الصناعي، والاستعانة بطواقم كبيرة من الأطباء والممرضين، وهذا أمر لم يكن محتملاً في الصين وإيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة، فدول العالم قاطبة لم تكن مهيأة ليطال الوباء نحو مليوني إنسان، على الرغم من أننا نتحدث عن دول متقدمة علمياً واقتصادياً.
لا بد من اللجوء إلى كل ما يمكن عمله لمحاصرة سرعة التفشي الهائلة للفيروس، ولنلاحظ أنّ الإجراءات المتبعة في العالم متشابهة أو موحدة إلى حد كبير، وكلها تسعى إلى استيعاب النشاط والانتشار الكبيرين للفيروس القاتل، سعياً إلى تقليل الخسائر في الأرواح، وعدم تحميل الأنظمة الصحية ما يزيد على قدرتها الاستيعابية.
أجرت الفرق الصحية في الإمارات نحو 767 ألف فحص، باستخدام تكنولوجيا متطورة، للمواطنين والمقيمين، والنتائج السلبية هنا تمنح الأشخاص دافعية كبيرة في الالتزام بشروط التباعد الجسدي، وارتداء الأقنعة الطبية، وعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى، فالخوف سيظل دافعاً مهماً في هذه الأزمة، ليحافظ الناس على أنفسهم، بمنأى عن الإصابة.
الفحوص مجانية في مستشفيات الدولة كافة، مثل العلاج، والحجر الصحي، وأي تبعات للإصابة، وما يقوم به جهازنا الصحي في هذه الأزمة، يعد إنجازاً استثنائياً، نأمل أن يكلل بانحسار الوباء، وزيادة أرقام المتعافين إلى أكثر من 1000 حالة، فهذا هو المؤشر الذي تنظر له الدول الآن في اختبار فعالية المواجهة، لأن السيطرة التامة على زيادة أعداد المصابين غير ممكنة عملياً، وواقعياً.
نحن والعالم تحت وطأة الموجة الأولى من الفيروس، وكل ما نفعله الآن يعني مزيداً من الخبرة لجيشنا الأبيض وإدارة الأزمة، لنكون أكثر جاهزية للتعامل مع كل الاحتمالات والتطورات المقبلة، بكفاءة واقتدار.