الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

على سبيل الأمل

على سبيل الأمل
13 ابريل 2020 01:42

نغالط أنفسنا إن قُلنا بأننا لسنا مُتعبين من الالتزام في المنازل، ونصدّقنا كثيراً حينما نؤمن بأن هذا الالتزام واجب وطني، علينا جميعاً الانصياع له من أجل صحة الوطن، وصحتنا، لذا فإن أمر تسيير حياتنا ونحن في بيوتنا مهم جداً، كي لا يتسلل الضجر إلينا، ويعكّر صفو الأيام التي نقضيها بين أهلنا وأسرنا في جمعٍ عائلي، كنّا نتمناه ونحن منشغلون عنهم، كل في سبيله بين عملٍ، واهتمامات، وسفرٍ، وحيوات أخرى، رسمها لنفسه بعيداً عن أسرته، اكتشف الآن وهو بين أفرادها أن ذاك العالم الخاص لم يكُن إلاّ هروباً غير موفق عن أسرته، بمن فيها والدان وأبناء وزوجات، وربما كبارٌ يحبهم كأجداد وجدات.
نعم، نحن نفتقد الكثير من التفاصيل اليومية التي كنّا نعيشها، كل شيء حولنا يذكّرنا بأشياء عديدة اشتقناها كأصدقائنا، خروجنا لقضاء احتياجاتنا، مكاتبنا، وزملاء العمل، والحركة التي لا تهدأ، حتى أولئك الذين يحيكون الدسائس من وراء ظهورنا اشتقناهم، لأننا في وجودهم نكتشف كم نحنُ جميلون بسلوكنا معهم، في مقابل القُبح الذي يحملونه ضدنا، اشتقنا فنجان قهوة اعتدنا احتساءه مع صديق وفيّ، اشتقنا تفاصيلنا الخاصة بنا جداً حينما نؤوب إلى ذواتنا بعد عناء يوم كنّا نتأفف منه جداً، لكننا نحنّ إليه اليوم وبشغف.
اشتقنا ممرات السعادة في المطارات، وهدير محركات الطائرات، وتلك المناطق حول العالم التي نفرّ إليها إما سياحة، أو لمهمة، أو لاجتماعات، وأمسيات أدبية وثقافية، أو تمثيل رسمي، حتى الشوارع الضيّقة والأزقة التي تطوف فيها هذه الأيام سيارات التعقيم في كل دول العالم، اشتقناها بما فيها من محال متواضعة، نجدد معها ذكرياتنا مع الأيام، نشعرُ بالحصار الحقيقي ونفتقدنا ونتفقدُ قلوبنا، حينما يأخذنا الحنين إلى ما نُحب وما نتمنى أن يعود إلى سالف عهده، بعد تخطي هذه المرحلة العصيبة بأمان وسلام، بإذن الله.
وعلى سبيل الأمل نفتح نوافذ الصباح، «نعلّل النّفس بالآمال نرقبها»، نقرأ فاتحة الحبّ على قلوبنا، ونرسم في صدر السماء ضوءاً يليق بصبرنا، وبحبنا لوطننا، وبتمسكنا بالتعليمات، كل صباح حينما نستيقظ لنلقي نظرة على بريدنا، ثم نحتسي قهوتنا الصباحية ونتجه للعمل عن بُعد، خلف الشاشات التي أصبحت بديلاً لوجوه ألفناها، ونحاول التآلف معها تقنياً، لأن الأمل الذي يشع في دواخلنا وسيلتنا الأهم لنعبر هذا النفق، وننتصر على عدو خفيٍ في معركة لن تطول بإذن الله، لتعود أيامنا التي مضت أجمل مما كان، ويعود الفرح وتتجدد الحياة، وتبتسم الشوارع والحدائق والمتنزهات، وتضج المطارات لتغدو الحياة أكثر نضارة، هواؤها نقيٌ، وأنفاسنا فيها فضاء للحب والامتنان.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©