لعل من حسنات الظروف الاستثنائية التي نمر بها أنها عززت من مستوى الحوار والاقتراب من النخب الفكرية والمسؤولين والأعيان والفعاليات ممن كانت الجولات الخارجية والمؤتمرات الدولية والاجتماعات تستنزف جل وقتهم، فأصبحوا اليوم يستثمرون الوقت المتاح جراء «خلك في البيت»، وأصبحنا نتابعهم من خلال منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع مصورة يثرون بها الحوار المثار والمطروح في المجتمع حول أبرز القضايا والتحديات.
تابعت مؤخراً مقطعاً لمعالي الدكتور علي راشد النعيمي حول «التعلم عن بُعد» يتناول ما واكب التجربة من لغط وانتقادات، وأتفق مع معاليه وهو الرجل الأكاديمي وصاحب تجربة واسعة في القطاع التربوي والتعليمي عندما كان رئيساً لدائرة التعليم والمعرفة (مجلس أبوظبي للتعليم سابقاً)، وكذلك لدى توليه منصب الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، وهو صاحب مواقف صلبة في وجه الانتقادات العاتية التي تعرض لها خلال تلك الفترة، كما أنه منخرط في القضايا الوطنية من طراز فريد وصوت للوطن لا يساوم على مواقفه الثابتة أو يتزحزح عنها.
أتفق مع معاليه تماماً بأن التعليم عن بُعد، خيار لا رجعة فيه لأنه يعني ببساطة المستقبل ليس في الإمارات وحسب بل وللعالم الذي يمضي -كما قال- نحو توجه ومسار جديد باتجاه مرحلة «التعلم أينما كنت وفي أي وقت».
كما أتفق معه بأن نترك لأبنائنا مواجهة التحدي بعدم تقمصنا دور التلميذ أو المعلم، فجيل اليوم أكثر انخراطاً منا، بل وإبداعاً في التعامل مع التقنيات الجديدة، ونتطلع مع أبوعبدالله بأن نحظى بخريجين للتعلم عن بُعد أكثر تميزاً من التعليم التقليدي. إلا أن هذا الاتفاق بشأن التجربة لا يمنعنا من الإقرار بوجود ملاحظات وانتقادات لا تخلو منها وسائل الإعلام وفي مقدمتها برامج البث المباشر وقنوات التواصل، وتتطلب من المعنيين بالتجربة في وزارة التربية والتعليم الإصغاء لها، فليس كل من أدلى بملاحظة هو ضد الفكرة أو التجربة، وإنما من باب الحرص على حصد الثمار المرجوة بما يحقق الغايات السامية منها، ولا سيما ما يتعلق بالممارسة والمحتوى بالصورة التي نجدها من بعض مدرسي المدارس الخاصة الذين ألقوا بالكرة في ملعب البيت، أي الطالب وولي أمره، وهما الطرف الأساس والمستهدف من العملية للوصول لتجربة ناجحة متكاملة.
كل التحية والترحيب بالحوارات الإيجابية وعنوانها العريض «الإمارات أولاً».