لو انتهت الكراهية من العالم، فهل ستحتاج الأنهار إلى جبال تخصها بشلالات المطر؟ لو انتهت الكراهية من العالم، فهل ستنتظر الأرض مجيء الغيمة كي تمنحها البلل؟ لو انتهت الكراهية من العالم، فهل ستطلب السفينة من الشراع أن يأخذها إلى مرافئ الأمان؟ لو انتهت الكراهية من العالم هل ستفزع الغزلان لمجرد سماعها خشخشة أوراق الشجر.
لو انتهت الكراهية من العالم، هل سترتعش وردة الصحراء من نسمة هواء خاطفة؟ لو انتهت الكراهية من العالم، هل سيبقى رجل أفريقي يسكن في الأدغال من دون أمل؟ لو انتهت الكراهية من العالم، هل سيشعر الفلسطيني أو اليهودي العفوي بفراغ اليد وغبن الصدر وضيق الحلم؟ لو انتهت الكراهية من العالم، هل سيبقى على الأرض مشرد، أو مكلوم، أو ثكلى، أو مأزوم، أو مهموم، أو مقسوم، أو مهضوم، أو محروم؟
لو انتهت الكراهية من العالم، هل ستنام شامية في العراء، تكسر ظهرها برودة الحلم وجفاف المشاعر، وظلم ذوي القربي، والجار الجنب؟ لو انتهت الكراهية من العالم هل سيبقى على الأرض بقايا يورانيوم منضب، يحرم ماجدات العراق من رشفة هانئة من الفرات العظيم؟ لو انتهت الكراهية، هل سيتجرأ المدعون على تحويل طرابلس ليبيا إلى ثكنة إخوانية، ودق مسمار في ظهر عروبة هذا البلد؟ لو انتهت الكراهية، هل سيبقى اليمن السعيد يبحث عن سعادته، بين أكفان ما جنته أجندات الحقد، والملل البائسة، وأحلام المرتهنين إلى الخداع البصرية.
لو انتهت الكراهية هل ستغادر الأحلام الزاهية من تحت أجفان أطفال العرب، وتصبح حقائبهم المدرسية، أكياساً وحاويات للقمامة.
لو انتهت الكراهية، هل سيغامر الصومالي لركوب البحر، على ظهور قوارب وهمية، تأخذه إلى المجهول؟ لو انتهت الكراهية، هل سيفكر الحوثي في الارتماء في أحضان من لا ينوي إلا إلى ضياع المشروع العربي، وتحويل اليمن إلى عمامة كبيرة، تخفي تحت طياتها دمار اليمن، وشتات أهله، وتحويل مصيره، إلى مراحل ما قبل العصور البدائية.
لو انتهت الكراهية، هل سنسمع عن عنتريات لدول غربت عنها الشمس، وذبلت أوراق أشجارها، وأناخت إبل سلاطينها، وأصبحت اليوم تتحدث عن حدود ما بعد حدودها، وعن مشاريع، أشد غموضاً من كهنوتيتها، وإسلاميتها المشكوك في هويتها.
لو انتهت الكراهية، هل سنرى ما يراه النائم من أضغاث، على أرضنا العربية؟ بالطبع لا، فالكراهية نقيض الحب، وبالحب تزهر أشجار الحياة، بالحب يشع البريق من عيون عشاق الحياة، وبالحب تنتفي كل الأجندات المخربة، والمشاريع المدسوسة، والأفكار العدائية.
بالحب يحيى العالم من دون دوي، ولا ضجيج يصم الآذان.