مشاهد عجيبة، وغريبة تصادفك في الشارع والناس أطياف وأصناف، ولكن بعض التصرفات من بعض البشر تثير حفيظة الإنسان وتجعله يفكر لماذا يقوم البعض، بسلوكيات تتنافى مع الآداب العامة، وتجافي الأخلاق، فمثلاً تجد بعض الناس يمر على حادث سير فيظل واقفاً يتفرج وكأن المشهد الذي أمامه عرض مسرحي، أو رقصة فنية، أثارت انتباهه· وقد تكون في الحادث، دماء وآلام بشر ، لكن الشخص الفضولي يريد أن يبني قصة لمشهد ليسرده على الأصدقاء في مجلس أو على الأهل على مائدة طعام، ولكي تكتمل القصة لديه، لابد أن يشخّص ويتفحّص ويمحّص، وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى وقفة طويلة وتأمل وتبصر، وإذا كان الشارع مزدحماً بالمارة والسيارات فلا يهم الأخ ما يعانيه الآخرون حتى وإن كانت هذه الزحمة التي صنعها بتدبير منه قد تؤخر مريضاً عن الوصول إلى مستشفى، أو تعرقل صاحب حاجة عن تأدية عمل ما·· المهم لدى هذا الفضولي أن يشبع فضوله وأن يحقق رغبته في معرفة ما يجري في الشارع، وبالتفاصيل المملة، والمؤذية لمشاعر الآخرين، والمعطلة لمهمة شرطي المرور الذي جاء ليؤدي واجبه الوظيفي والإنساني· مثل هذه الصور نراها كل يوم ، وجراء هذه السلوكيات تتضاعف حوادث السيارات وترتفع حرارة الأعصاب لدى الناس، وقد تصل إلى المشاحنات والشجار وأحياناً تؤدي إلى التشابك بالأيدي، وقد ينشغل الشرطي الذي جاء ليحل مشكلة بمشاكل طارئــة لا علاقة لها، بالمشكلة الأهم· نقول إن الأهم الأخلاق، وأخلاق الشارع طريق، إلى تقدم حضاري ورقي إنساني، فالشارع واجهة البشر، والشارع عنوان العلاقات بين الناس، فالذي لا يحترم الشارع والناس الذين يسيرون على ترابه، وأسفلته يعيش خارج الزمن وخارج القيم الإنسانية التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان ليستريح ويريح غيره· ولكن بعض البشر تحللوا من هذه القيم وصاغوا لهم قيماً خاصة بهم تسير على هواهم وتلبي رغباتهم في الاكتشاف والاستكشاف، والتحايل على القانون والأخلاق بحجة معرفة ما يدور في الشارع، وبعضهم قد يقول: ولماذا لا أتوقف قليلاً؟ فقد يكون أحد أطراف الحادث قريباً لي·· هذه حجة وغيرها حجج واهية يسوقها المتطفلون ليزيحوا عن كاهلهم العتب··