الأحوال تبدلت والظروف تغيرت والدنيا انقلبت وقافلة الحياة تسير في وجه العاصفة·· في سابق الأزمان كان الإنسان يقف مختاراً لا محتاراً، والوظيفة تبحث عنه وتقول له شبيك لبيك أنا بين يديك، وكان خريج الجامعة يجلس متربعاً على عرش الأطياف المختلفة من الوظائف ثم يضع سبابته على الوظيفة التي يريد، ولأن الوظائف الشاغرة كانت بعد سنوات العمر كان الإنسان مخيراً لا مسيراً وكان طموحه يتعدى حدود مستواه التعليمي وخبرته العملية والعلمية وكانت المطالب تنال بالتمني دون أدنى جهد أو كد أو معاناة· اليوم ضاقت الرقعة واكفهرت البقعة وصارت الخطوات محسوبة والعثرات مكتوبة في ميزان الحسنات والزلات فليس أمام الفرد سوى أنه يكون شديد الحرص في اختياراته متريثاً متحملاً صبوراً جسوراً يحسب الحساب ليوم الحساب والعقاب والثواب، فقد ولى زمن الترف وزالت أيام قراءة الكف، اليوم تتجلى أمام الفرد مطالب ولكي يحصل على وظيفة لابد أن يتسلح بقدرات وإمكانات تؤهله للوظيفة المبتغاة، ولم يعد الأمر بالتساهيل كما كان في الماضي·· اليوم أمام الفرد أن يبذل الجهد الجهيد وأن يتمتع بمؤهلات عقلية ونفسية لكي يرقى إلى مستوى وظيفة ما لأن العرض أقل من الطلب ولأن عدد الساعين لوظيفة يزيد أضعافا عن المعروض· لذلك ما عاد كرسي المدير أو حتى رئيس القسم شغف ولهف طالب الوظيفة، اليوم الأمور أصبحت بمقاييس ومعايير علمية على طالب الوظيفة أن يجتازها بنجاح وتفوق ليفوز بهذه الوظيفة· الأمر الذي يضع على عاتق الفرد مسؤوليات جساماً وأحلاماً لا تتجاوز الواقع والحكمة وآمالاً لا تحيد عن قدرات الشخص ومؤهلاته· فالإمارات التي قطعت طريقاً طويلة في مجال التطور على جميع الأصعدة بحاجة إلى أبنائها الذين اكتسبوا المعرفة ونهلوا من العلم ما يجعلهم على مستوى المسؤولية لتبوؤ مراكز العمل ومواكبة هذا القطار السريع والزحف قدماً باتجاه التميز وتحقيق الطموحات وتلبية الأماني· الإمارات اليوم تقف عند سقف المرحلة وتطال قمة الجبل في نهوضها ورقيها، لذا فلا مكان على التضاريس للمتقاعسين والمخلدين في آنية الكسل·· الإمارات اليوم، جاءت باتجاه الوعي بقيمة العمل وأهمية تفاعل الأبناء مع الحركة والسيرورة الناهضة، الإمارات اليوم قافلة تسير فلا كثيب يوقفها ولا صعيب يصدها·· هي قافلة النهار المضيء·