الشباب·· والكاب الشباب عماد الأمة، حاضراً مستقبلاً، وأمة برأس عليه ''كاب'' خير لها أن تمشي حافية على الشوك، حاسرة الرأس وهي تنعى الأمل المفقود واللبن المسكوب من شبابها الواعد· ولأن ''الشباب والفراغ والجِدَة: مفسدة للمرء أي مفسدة'' وأول هذه المفاسد ''كاب'' غطاء الرأس الذي تشعر بأن الشاب فيه ذاهب لا محالة نحو الغندرة والتقصع وعلك اللبان، وبدلاً من أن يحب أباه فوق رأسه، سيرفع له ''الكاب'' ويحييه من بعيد بـ''هاي''· فكيف إذا ما أضفنا إلى هذا الثلاثي الشباب والفراغ والجِدَة ذلك ''الكاب'' وهي التقليعة التي أخذت تغزو رؤوس شبابنا في سكك الفريج في مدن الملح بدول الخليج· فتجد هؤلاء الشباب في المول والسينما والسوق والمدرسة، وأينما يذهبون يرتدون ''الكاب'' ونتحسر على أيام الذين استبدلوا يوماً الغترة والعقال بـ''الحمدانية'' أو عصبة الرأس، وقلنا يومها ''معاليش'' فالحركة تتطلب الحمدانية لكي تأتي بالبركة! ولكن حين تستبدل الحمدانية بمسلسل ''القحفية الكاب'' فقد نقبل الأمر لصغارنا، وقد نقبله أحياناً في البيت مثلاً لشبابنا، أما رجالنا وفي الأسواق، والمراكز التجارية، والدوائر والمؤسسات الحكومية، وفي المعاهد والجامعات، والشركات، فليس الأمر مرغوبا ولا مستساغاً، إلا إذا كان هذا الزمن زمن الكاب العجيب الغريب· الدعاء المستجاب·· لاحظت أن بعض الأئمة - هداهم الله وسامحهم- يخلطون الحابل بالنابل في الدعاء، ويستبدلون التضرع لله، والخشوع بين يديه، بالأصوات المجلجلة، عبر سماعات المآذن في كل الاتجاهات، أنهم يصرخون ويبتعدون عن سنة محمد، ومع أنني لست فقيهاً، ولست مؤهلاً لنقد الأفاضل الأئمة والدعاة، إلا أنني أتناول الموضوع من زاوية محددة، هي زاوية الهدوء والخشوع والتضرع بدلاً من العويل والصراخ والمط والتطويل، فإذا كنا بصدد دعاء القنوت فلماذا يستزيدون معه دعاء السفر، ودعاء الاستسقاء، ودعاء النصر، ودعاء زيارة القبور، ودعاء الجماع والاضطجاع! ودعاء المبتلى، ودعاء الكرب، ودعاء الزواج، ودعاء الركوب، ثم المعوذات والمطولات من كتاب الأذكار حتى تحول الدعاء مع التلحين والتكرار إلى أطروحة في تيتيم الأطفال، وترميل النساء، وهدم البيوت، وحرق الحرث، وإبادة النسل، وحسب اللعنات التي تصب من كل جانب تجاه الآخر الذي يعمل في مصنعه أو مخبره أو يسابق الزمن في البناء والتعمير، وتزيين الحياة، وجلب البهجة والصحة للدنيا· لماذا لا يكون دعاؤنا من جوامع كلم الرسول صلى الله عليه وسلم، مختصراً، مفيداً بسيطاً، يستهدف عموم المسلمين وخيرهم وصالحهم، دون هدم ولعن الآخر، وننسى أن كل الآخرين أعداء للعرب وللقضية الفلسطينية ليوم الدين، وليكن الإمام تقياً ورعاً غير متشنج، ولا يزبد، يستعرض النية ويخفض صوته ويقف بين يدي ربه خاشعاً متضرعاً ملتزما بآداب الدعاء، وورع المسلم·