بعض المسرحيين الخليجيين نالوا شهادة امتياز في التخصص بالاستهزاء بالناس في دول شقيقة مجاورة، فترى الممثل في هذه المسرحيات أراجوز يقوم بحركات استفزازية مقززة ومقرفة، يندى لها الجبين وكأن مشكلات دول الخليج قد حلت وقطع دابرها وأصبحنا نعيش في جمهورية أفلاطون المثالية·· فهذه المسرحيات قد تحللت من كل أعباء الخجل وتخلصت من كل آداب الحياء والشيمة الخليجية المعروفة باحترام الآخر، وبخاصة إذا كان هذا الآخر شقيقاً من دمنا ولحمنا وما نحن إلا جزء من تاريخه وحضارته ننتمي إليه ويمتد إلينا· هذه المسرحيات الخالية، الخاوية، الفارغة من المضمون والمعنى تؤسس لنظرة مسرحية فنية مستقبلية مجردة من أصول الفن المسرحي وتقنياته وتدفع بالمسرح الخليجي نحو جرف هارٍ ومنزلق خطير·· هذه المسرحيات لا تقدم فناً بقدر ما تقدم تُرَّهات وافتراءات لا يفهمها إلا الجاهلون ولا يفهم هؤلاء ماذا لو استمرت مثل هذه الهزاءات أن تخلق من شحنات عدوانية ضد أبناء الخليج من قبل أشقاء لهم لا يفهم هؤلاء ماذا لو ظل مثل هذا التمادي والاستهزاء بالأشقاء ان يفتح من جروح وقروح ودمامل قابلة للانفطار في أي لحظة· فرق ما بين المسرح والمسلخ·· وفرق ما بين الفن العظيم والفن الأثيم اللئيم· الجاهلون لا يفهمون ذلك ويعتقدون أن لمجرد إضحاك المتفرج قد حققوا النجاح والفلاح والصلاح وأنجزوا فناً رفيعاً لا يضاهيه مسرح شكسبير، وبريخت· هؤلاء اعتقدوا أن المجتمع الخليجي حقق كل طموحاته، فقد نجح في إنجاز الجواز الموحد والسكك الحديدية التي تربط الخليج من رأسه حتى قاعه، والعملة الموحدة ولم يبق من مشكلات إلا أن يتطرق المسرح الخليجي إلى قضايا تمس دولاً ومجتمعات أخرى·· هذا هو الفن الذي يفهمه البعض من المسرحيين، وهذه هي الرسالة الخالدة التي يجب أن يتبناها المسرح الخليجي· فالترويج للعمل المسرحي والتسويق للفن لا يتم عبر مهاترات وخيبات فنية بائسة ولا يتم عن طريق أعمال هزيلة لا تقدم شيئاً غير السخرية من الغير·· والتقليل من شأنه وكأننا نحن فقط الأسوياء والنجباء والأنقياء وغيرنا لا يساوي شيئاً·· الإدعاء بالكمال نقص، واستصغار الآخر مرض يحتاج إلى علاج وعلاج الفن هو تنقيته من شوائب أنصاف الفنانين وأشباه المسرحيين·