العيد جيد على غيد، والناس في العيد، طيور بأجنحة الفرح، يهل هذا الكائن النبيل في موعده، دون أن ينسى وعداً أو عهداً، وأيامه السعيدة أزهار على أغصان أشجار، طيبها قبلات وابتسامات، ولونها لون البرد، على وريقات القلوب· في أيام العيد تتلاقى القلوب بعد انفطار دروب وتتصافح الأرواح بعد انحسار مسافات، في أيام العيد تُسدل الضمائر ستائر القنوط، وتبدو الصدور فضاء تغرد في رحابه عصافير الفرح والمرح، وتصير الأرض التي تمشي عليها الأقدام فسيحة المكان فصيحة اللسان حصيفة الأشجان لا فيها امتعاض ولا انقباض ورذاذها فراشات بلون القلوب المزينة بالحبور·· في أيام العيد يعانق الحبيب الحبيب، وينتظر القريب عودة القريب بعد قطيعة فظيعة، وامتناع الواصل عن وصل ما انقطع· في أيام العيد، تفرج السماء عن ابتسامة فيتذكر الإنسان من غابوا ورحلوا ويقول اللهم أعد الغائب وارحم الراحل يتذكر الإنسان وتخيط الذكريات جناح التفكير والتدبير، في أيام العيد تدمع العيون خاشعة وتخشع النفوس خاضعة وتهفو القلوب محتدمة بالقديم والجديد تجدد القديم وتؤصل الجديد، وتصير الدنيا مسافات تعبر بين الوريد والوريد· في أيام العيد لا تخب نوق ولا تجمح جياد، فالأشياء تنحو للحياد، وتميل ميلاً لميلاد يوم أو أيام يضع المحبون في معطفها جل الشذا والعبير، كي تصير الدنيا ''مدخن'' البوح وطعم الغدير· في أيام العيد تفتح البيوت أبوابها، وتشرع القلوب نياطها، وتمر الأغاني والنشيد العتيد منذ زمن الأولين والناس الطيبين العاشقين الباشقين· في أيام العيد نرى في وجوه الصغار عيدية العيد، وفي ابتساماتهم النهار السعيد والجلابيب البيض صفحات من معان في حروفها أحلام وما بين السطور نقرأ الثغور، مفعمة ببياض غد يمد اليد وللورى يهدي جلجلة الخلاخيل الرحيمة· في أيام العيد نستدعي أشياء أفلت ونستقطب أفياء تلاشت ونستجمع أصداء اضمحلت ونستفتي القلوب فتجيب ما أفلت النجوم لكنها تباعدت وما انخسفت الأقمار لكنها أجلت البزوغ· في أيام العيد تنمو الأعشاب الذابلة وتورق الأغصان وتبدو رافلة ونحن الظامئين فيؤنا من أطراف ظل أو نافلة ·· وقافلة العيد حافلة نخلة وسنبلة·