الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحسد

الحسد
8 أكتوبر 2007 21:26
قال الله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود''· وقال عليّ -رضي الله عنه: الحاسد مغتاط على من لا ذنب له· وقيل: بئس الشعار الحسد· وقيل لبعضهم: ما بال فلان يبغضك؟ قال: لأنه شقيقي في النسب، وجاري في البلد، وشريكي في الصناعة، فذكر جميع دواعي الحسد· وقال أعرابي: الحسد داء منصف يفعل في الحاسد أكثر من فعله في المحسود، وهو مأخوذ من الحديث: ''قاتل الله الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله''· وقال الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمه الله تعالى: يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود: أولاها غم لا ينقطع، الثانية مصيبة لا يؤجر عليها، الثالثة مذمة لا يحمد عليها، الرابعة سخط الرب، الخامسة يغلق عنه باب التوفيق· وقد حكي أن رجلاً من العرب دخل على المعتصم فقربه وأدناه وجعله نديمه، وصار يدخل على حريمه من غير استئذان· وكان له وزير حاسد فغار من البدوي وحسده وقال في نفسه: إن لم أحتل على هذا البدوي في قتله، أخذ بقلب أمير المؤمنين وأبعدني عنه· فصار يتلطف بالبدوي، حتى أتى به إلى منزله، فطبخ له طعاماً، وأكثر فيه من الثوم، فلما أكل البدوي منه قال له: احذر أن تقترب من أمير المؤمنين، فيشم منك رائحة الثوم فيتأذى من ذلك، فإنه يكره رائحته· ثم ذهب الوزير إلى أمير المؤمنين فخلا به، وقال: يا أمير المؤمنين إن البدوي يقول عنك للناس: إن أمير المؤمنين أبخر وهلكت من رائحة فمه· فلما دخل البدوي على أمير المؤمنين جعل كمه في فمه مخافة أن يشم منه رائحة الثوم· فلما رآه أمير المؤمنين وهو يستر فمه بكمه قال: إن الذي قاله الوزير عن هذا البدوي صحيح· فكتب أمير المؤمنين كتاباً إلى بعض عماله يقول له فيه: إذا وصل إليك كتابي هذا فاضرب رقبة حامله، ثم دعا بالبدوي ودفع إليه الكتاب وقال له: امض به إلى فلان، وائتني بالجواب· فامتثل البدوي ما رسم به أمير المؤمنين، وأخذ الكتاب وخرج به من عنده فبينما هو بالباب إذ لقيه الوزير· فقال: أين تريد؟ قال: أتوجه بكتاب أمير المؤمنين إلى عامله فلان، فقال الوزير في نفسه: إن هذا البدوي يحصل له من هذا التقليد مال جزيل· فقال له: يا بدوي ما تقول فيمن يريحك من هذا التعب الذي يلحقك في سفرك ويعطيك ألفي دينار؟ فقال: أنت الكبير، وأنت الحاكم، ومهما رأيته من الرأي أفعل· قال: أعطني الكتاب فدفعه إليه، فأعطاه الوزير ألفي دينار وسار بالكتاب إلى المكان الذي هو قاصد· فلما قرأ العامل الكتاب أمر بضرب رقبة الوزير، فبعد أيام تذكر الخليفة أمر البدوي· وسأل عن الوزير فأخبر بأن له أياماً ما ظهر، وأن البدوي بالمدينة مقيم، فتعجب من ذلك وأمر بإحضار البدوي فحضر· فسأله عن حاله فأخبره بالقصة التي حدثت له مع الوزير من أولها إلى آخرها، فقال له: أنت قلت عني للناس أني أبخر؟ فقال: معاذ الله يا أمير المؤمنين أن أتحدث بما ليس لي به علم، وإنما كان ذلك مكراً منه وحسداً، وأعلمه كيف دخل به إلى بيته وأطعمه الثوم، وما جرى له معه· فقال: يا أمير المؤمنين قاتل الله الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله· ثم خلع على البدوي واتخذه وزيراً، وراح الوزير بحسده· وقال المغيرة شاعر آل المهلب: آل المهلب قوم إن مدحتهم كانوا الأكارم آباء وأجداداً إن العرانين تلقاها محسدة ولا نرى للئام الناس حساداً
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©