بلد الناس الكرام، عزت واعتزت بناسها وأهلها والمقيمين على ترابها، كرمت القاصي والداني، الكبير والصغير، الحسير والفقير، لم تدع نبتة إلا وروتها، ولا صخرة إلا وأقامتها حتى صارت بلادنا رافلة بالثوب الزهي، حافلة باللون البهي، ووضعت الإنسان مكان الأمان، وصار ما إن يذكر اسم الإمارات إلا وتبتسم الدنيا وتتسم بوشاح الفخر والكبرياء والأنفة والشموخ· لهذا السبب فإننا عندما نطالب وزارة الشؤون أن تقلب صفحة الماضي وتدعها في سجل النجم الذي أفل، لا نبتغي المستحيل، بل هو منطق الأشياء، يفرض على هذه الوزارة أن تتغير وأن تتطور وأن ترفع من حرارة التفكير في صياغة قوانين تتناسب وتتلاءم مع مرحلة الانتقال من حال الفاقة الى حال اللباقة في التعاطي مع شؤون الوطن والمواطن·· فمواطننا لم يعتد التسكع عند أبواب البنوك، ولم يمد يده في يوم من الأيام مستنجداً مستغيثاً، هذا المواطن الذي تريد الوزارة وضعه في خانة المهملات هو المواطن نفسه الذي صنع مجد الإمارات ورسخ هاماتها في كبد السماوات وأفرد الشراع مسافراً عبر العباب، متحدياً الصعاب، لا مباليا بما هبت به الريح، وما خبت به التباريح، مواطن الإمارات عزيز دائماً ما همه جب الأيام، ولاقهر العواتي الضرام، واليوم وبعد أن ناخت الصعاب واسترخت الشعاب، واجب على الوزارة المعنية أن تستمرئ في الطموح، في جموح يكبح الإحباط، ويزرع في نفس المواطن شجرة خضراء مثمرة عامرة بالحياة والنماء والصفاء والزهو بوطنه ووطنيته· واجب على هذه الوزارة أن تشعل شمعة جديدة في مسيرتها وتفتح آفاق العمل والكد والكدح أمام المواطن، كل حسب إمكاناته وقدراته ومؤهلاته ليستفيد الوطن من كل كادر وعنصر يضيف الى جهد التطور جهوداً مضيئة يستنير بها الجيل القادم من أبنائنا· فالمشاركة في البناء فرض وواجب، وإتاحة الفرص أمام الإنسان، صغيره وكبيره، أولوية لا حياد فيها·· المشاركة في صنع المنجزات لا تقبل القسمة على اثنين، ولا هي حصيلة مزاج، نقبلها أو لا نقبلها·· المشاركة قدر الإنسان على هذه الأرض وفطرته ومسلمة الحياة التي عاشها ومارسها منذ فجر التاريخ· فإذا كان في كل زقاق وشارع ومنحنى ومنعطف وزاوية مشغل أو محل تجاري صغير يملكه غير المواطن، فإنه من الأجدر على المسؤولين في وزارة العمل أن يفكروا ويتدبروا ويسابقوا الزمن لفتح هذه الآفاق وإن كانت صغيرة لأبناء الوطن ليمارسوا حقهم في العيش الكريم، وغير تلك من المشاريع كثيرة·· المهم أن نفكر·