سجل القضاء عندنا أمس الأول سابقة هي الثانية من نوعها، عندما أصدرت محكمة جنح دبي حكماً بالسجن لمدة شهرين على رئيس تحرير الزميلة ''خليج تايمز'' شيمبا كاسيريل جانجادهران، والزميل محسن راشد حسين بتهمة ''المشاركة الإجرامية'' للأول، والقذف للثاني، وذلك على خلفية نشر خبر في الصحيفة في يونيو من العام الماضي حول قضية بين زوج وزوجته· وقبل الخوض في الأمر، نؤكد احترام كلمة القضاء وعدم التعليق عليها، فهي أحكام موضع تقدير الجميع، ولكن موضوعنا يتعلق بغياب الآليات التي تحصر قضايا النشر في قناة غير المحاكم العادية، وما تقود بعض أحكامها من سجن لحملة الأقلام، جراء عدم التفريق بين نشر خبر واعتباره سانحةً للتشهير والإساءة· إننا في مجتمع الإمارات نكاد نتفرد بوجود حرص وتشجيع من أعلى السلطات على تعزيز حرية الكلمة والشفافية، والأمثلة على ذلك عديدة، ومع هذا تجد كثيراً من الأقلام تمارس على نفسها رقابة ذاتية صارمة، وتبذل جهداً غير عادي في اختيار الكلمات حتى لا تجد نفسها، وهي تجر إلى قاعات المحاكم بتهمة من التهم إياها· وتعتز صحافة الإمارات بسجل من الممارسة الصحفية المسؤولة، فلم يكن من بين خطوطها تبنى أساليب الصحف الصفراء أو مطبوعات الإثارة في التنقيب والبحث والنشر في خصوصيات الناس العوام منهم أو المشاهير أو المسؤولين· ومع ذلك تظهر بين الفينة والأخرى مثل هذه القضايا التي بالإمكان احتواؤها باستحداث آلية تنظر في قضايا النشر وتحمي الصحفيين وحرية الكلمة في المقام الأول· جمعية الصحفيين وبانتظار القانون الجديد للمطبوعات والنشر استقطبت العشرات من المحامين المتطوعين للدفاع عن حملة الأقلام ممن يجدون أنفسهم في قفص الاتهام في المكان ذاته الذي يوجد فيه القتلة والمهربون والمطلوبون في قضايا جنائية· ومن دون التسريع في احداث التغيير المنشود في هذا القانون، سيتصدر المشهد الإعلامي فريق لا يريد من الصحافة وحملة الأقلام إلا أن يكونوا صدى لأصواتهم، ومتلقين لأخبار''التلميع'' عن ''إنجازاتهم الخارقة''·