أم حسن متزوجة ولها طفلان زوجها يئن في السجن، وهي وطفلاها يواجهون المحن وعواتي الزمن· القصة تبدأ كالتالي·· عمل الزوج لمدة ستة عشر عاماً يخدم البلد ولظروف قاهرة انقطع الزوج عن العمل ولما عاد إلى مكان عمله ليباشر مهنته التي أفنى العمر من أجلها وجد نفسه خارج الوظيفة وداخل السجن، والسبب تراكم الديون على عاتقه· أما الأسرة فهي الآن مهددة بالطرد من الشقة المؤجرة لعدم قدرة الأسرة على سداد مبلغ الإيجار· نقول إن القانون لا يحمي من لا يحمي نفسه والبنوك التي تفتح الأبواب على كل المصاريع لا تجد طريقاً إلا المحاكم عندما يعجز المدين عن سداد الدين· وهذا أسلوب حق يراد به باطل ولكن مهما تعددت الأسباب ومهما اختلفت أساليب الإغراء للإثراء على حساب الآخر نحن منطقياً نلوم من تنفتح شهيته ويسير بلا هدى وراء ما يسمى التسهيلات البنكية، ولكننا إنسانياً نقف مع الإنسان الذي يترك خلفه عائلة تشردت وزوجة تعاني الأمرين، فراغ الزوج ولوعة الأبناء والأطفال الذين لا يجدون عائلهم القوي الذي يحميهم من ويلات الأيام ونموذجهم الذي يضعونه نصب أعينهم فكم هي المرارة التي تصفع هؤلاء الصغار عندما يستيقظون في الصباح ويسألون عن الأب فلا يجدون الجواب إلا تقطيبة حاجبين على وجه الأم المكلومة وكم هو الأسى فظيع ومريع عندما يجلس الصغار على مائدة الطعام وهم يتلفتون يمنة ويسرة ولا يجدون غير الفراغ يداهمهم بكآبته وآلامه وأحلامه المكسورة· هذه حالة إنسانية، ينفطر لها القلب وتدمي النفس وتفري الروح لأن الحاجة إلى المال في وجود الأب تصبح عصفوراً على غصن شجرة يمكن اصطياده ولكن الحاجة إلى الأب تحت سطوة العوزة فهي طائر يحلق في السماء، فلا الأرض مأواه ولا الفضاء محتواه·· أمر كهذا يشيع الفزع والجزع ويرسم سحابة داكنة تمنع الشمس ولا تمطر·· حالة كهذه لا تقبل الأسئلة لماذا وكيف ومتى وأين؟ فالحل واحد ألا وهو تدخل أصحاب القلوب الرحيمة لتنقشع الغيمة عن من ضاقت الدنيا بهم واكفهرت السماء واغبرت الأرض وصار سؤالهم·· نريد أبانا·· نريد لحاف الدنيا ودثارها، نريد الابتسامة بعد أن غيبتها قتامة العبوس والحظ النحوس· مثل هذه الحالة لا تقبل القسمة على اثنين وليس لها رصيد في الدنيا غير أولئك الذين بيدهم رفع الضيم عمن غشاهم ضيق ذات اليد وفراق من كان المد والسد والود والعطاء الذي لا يصد ولا يرد·· مثل هذه الحالة تجعلنا أمام خيار واحد لا سواه·· حل معضلة الأم والأبناء ومن ثم ندلي بالنصائح والدروس·· لأن معالجة الخطأ بأخطاء جريمة لا تغتفر، ولا ذنب لهؤلاء الصغار أن يجنوا ما زلت به قدم أو انحرفت نحوه نفس ظنت أن من السراب ستصنع المجد·