رمضان على الأبواب، وفي رمضان تنفتح أبواب الرحمة، وتشرع السماء رحاب الألفة والمحبة، فهل يا ترى يفتح الميسورون جيوبهم ليقدموا ما تيسر لذوي الحاجة والعازة، ويرفعوا عنهم قهر الفقر، وكسر الظهر، وربقة القتر·· هل يا ترى يستطيع القادرون تقديم العون والالتفات الى من اغرورقت عيناه وهو ينظر الى صغاره الملتفين حوله، وبين أيديهم مطالب الشهر الكريم·· هل يا ترى يستطيع القادرون كف قلق العجز والانكسار عند قريب أو جار غيمت سماؤه، وتعكر صفاؤه، وبات يسأل ماذا أفعل، والشهر قد أقبل، وما في الجيب لا يربط ولا يحل، والصغير يطلب ولا يكل، والزوجة من الأسئلة لا تمل·· ونحن في دولة، حكومة ومؤسسات خيرية دؤوبة وثوبة في تقديم كل ما يلزم لكل محتاج ويشكو ضيق ذات اليد، ولكن الدورة الدموية للحياة لا تكتمل إذا لم يبادر التاجر والقادر على المشاركة في رفع الضيم والغيم عن ناسه وأهله وأبناء وطنه، هذا الوطن الذي أكرمه بنعمه الوفيرة ومده بكل ما يحتاج من خدمات سهلت ويسرت الطريق أمامه ليصبح القارب الصغير سفينة ذات شأن وفن تشق عباب الحياة بكل جسارة وجدارة· نريد من أغنيائنا أن لا تخونهم الذاكرة، وأن لا تكون أيديهم مضمومة قاصرة، وأن لا تكون عيونهم مغمضة، ساخرة ناكرة لمعروف الوطن·· نريد من أغنيائنا أن يحسبوا حساب الأولى والآخرة·· نريد من أغنيائنا أن يردوا الجميل للوطن الأصيل، فكم من أرملة تئن، ويتيم ضن عليه الزمن فامتحن، وكم من عاجز اعتراه العجز، فما عاد يقوى على عواتي الزمن·· فالدور دوركم يا من لكم اليد الطولى، فهبوا ولا تخبوا، وثبوا ولا ترهبوا من نقص في الرصيد· فهؤلاء الذين ستقفون الى جانبهم، هم منكم ومن دمكم ولحمكم، ومن نبت أرضكم ورائحة هذا الوطن· فكفكفوا دمع الصغير، وامسحوا الغبن عن شيخ يستجير· يا أغنياء الوطن، كم من أغنياء جمعوا وألفوا، وملكوا وبسطوا فلفظهم التاريخ، وراحت أسماؤهم وأسمالهم أدراج الرياح، ولم يذكر سوى الأسخياء الأوفياء، الذين أعطوا ومدوا الأيدي خضيبة خصيبة لا تمنع ولا تمن· يا أغنياء الوطن، انثروا الماء الرذاذ على رؤوس من جفت الريح على رؤوسهم، واسكبوا زلال المحبة في قلوب من عجفت نخيل الحياة في صدورهم، وازرعوا الحلم بهياً في عيون من غبشت الطرق أمامهم وأسكنوهم من حيث سكنت الأمنيات الزاهية، واشفوا غليل من غلا قدره من غير زاد· يا أغنياء الوطن، في بلادنا أكثر من خمسين مليارديراً، لو أوفى هؤلاء بزكاة المال لما بقي على أرض الوطن سائبة ولا خائبة إلا وارتوت جذورها، وانتعشت قدورها، وازدهرت صدورها، وارتاحت من السؤال وتغيرت الحال من حال الى حال· يا أغنياء الوطن·· وطن الخير أعطاكم، فرد الجميل واجب وقدر·