الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانسحاب من العراق... خطة لتقليل الخسائر

الانسحاب من العراق... خطة لتقليل الخسائر
3 سبتمبر 2007 01:20
ماذا···؟ أتريدون منا نحن المراقبين أن نكف عن الشكوى من الفوضى التي تسببت فيها إدارة بوش في العراق، ونقول شيئاً بنّاءً من أجل التغيير؟ ولكن الانتقاد سهل وأفضل! فهل تعلمون مثلاً أن مسودة تقريرٍ لـ''مكتب المحاسبة'' الحكومية جرى تسريبها تخلص إلى أن الحكومة العراقية لم تستوفِ سوى ثلاثة من أصل المعايير السياسية والعسكرية الثمانية عشر التي كان الكونجرس قد وضعها؟ حسناً، حسناً· سأتوقف· ما الذي علينا أن نفعله بالضبط في العراق؟ الخيار الأول: نستمر في فعل ما نفعله اليوم، وتلك هي مقاربة البيت الأبيض· اللازمة المعتادة في هذه الحالة هي: ''لنمنح الحرب فرصةً''· بيد أن ذلك ليس بالخيار الممكن· لقد عرَّف ألبيرت إينشتاين الجنون بـ''فعل الشيء وتكراره وتوقع نتائج مختلفة''؛ غير أنه ليس على المرء أن يكون ''إينشتاين'' ليقف على حقيقة أن مقاربة البيت الأبيض لم تنجح، وليست بصدد النجاح، ولن تنجح·والواقع أنه حتى في حال كنا نرغب في الحفاظ على استراتيجيتنا الحالية وعدد القوات الحالي، فإننا لا نستطيع· ذلك أن عدد الجنود محدود، وكذلك الحال بالنسبة لمركبات ''همفي'' ''المدرعة'' ومركبات ''برادلي'' القتالية· ومثلما يعتزم قائد هيئة الأركان المشتركة الجنرال ''بيتربايبس'' إخبار بوش -حسبما يُروى- فإننا نواجه خطر التأثير سلباً على الجاهزية العسكرية للولايات المتحدة وتعريض مصالح أمننا القومي للخطر إذا نحن لم نُخفض أعداد الجنود في العراق بشكل كبير· الخيار الثاني: أن نقوم بشيء مختلف، كأن نسحب قواتنا بدلاً من المناداة على آخر من تبقى من جنود الاحتياط القلائل (هيا سموه ''إعادة الانتشار'' إنْ كان ذلك يرضيكم)· هل تريدون تفاصيل أدق بخصوص مَن وماذا وكيف وأين ومتى؟ في هذه الحالة، أوصي بقراءة تقرير ''كيفية إعادة نشر القوات: تطبيق خفض مسؤول للقوات الأميركية في العراق'' الذي صدر هذا الأسبوع عن مؤسسة ''أميركن بروجريس''· المعد الرئيسي لهذا التقرير هو ''لورانس كورب''، وهو رجل يدري ما يقول· يوصي ''كورب''، الذي عمل خلال إدارة ''ريجان'' مساعداً لوزير الدفاع مكلفاً بالموظفين وشؤون الاحتياط والمرافق واللوجيستية، بإعادة نشر القوات الأميركية خلال فترة تتراوح ما بين 10 و12 شهراً، وهو إطار زمني يسمح بسحب العتاد والأسلحة والمعدات الحساسة، كما أن من شأنه أن يمنح السلطات العراقية المركزية والمحلية فرصة معقولة للاستعداد لغيابنا· عندما تنتهي نوبات الجنود، لن يتم استبدالهم بجنود آخرين· أما القوات المتبقية، فيمكن إعادة نشرها ونقلها من مناطق الضواحي الأكثر استقراراً في العراق وتركيزها في بغداد حتى لا يتبقى سوى عدد قليل من قوات المارينز لحماية الموظفين المدنيين بسفارة أميركية قُلص حجمها· كما يمكن ترك لواءين لفترة عام في المنطقة الكردية؛ على أنه بإمكان الولايات المتحدة أن تستمر في الحفاظ على حضور عسكري إقليمي قوي من خلال مجموعة حربية أو قوة تابعة للمارينز في الخليج العربي، وعبر القواعد الأميركية الموجودة بدول الجوار· ستقولون: جيد، الخيار الثاني يبدو أنه صالح بالنسبة للولايات المتحدة· ولكن ماذا عن العراقيين؟ هل سنتخلى عنهم بكل بساطة ونتركهم لعالم لا نهاية لصراعاته؟ وداعاً، شكراً على كل الكباب، وحظاً سعيداً في الحصول على تأشيرة الولايات المتحدة· الجواب الصادق (وإن لم يكن مُرضياً جداً) يتمثل في أنه لا أحدَ يعرف حقاً ما الذي سيحدث في العراق في حال رحلت الولايات المتحدة· اللافت أن استطلاعاً للرأي أُجري في مارس الماضي وجد أن أغلبية من العراقيين يعتقدون أن الوضع الأمني سيتحسن في حال انسحاب الولايات المتحدة· والحال أن الأمور قد تسوء أيضاً، وكل من يدعي معرفة ما الذي سيحدث بالضبط كاذب· لقد ضيعنا منذ وقت طويل كل قدرة على ضمان نهاية سعيدة للعراقيين· ولكن، ومثلما تشير إلى ذلك عدة تقارير أخرى حديثة صدرت عن مؤسسة ''أميركن بروجريس''، فإنه مازالت ثمة خطوات علينا أن نتخذها للتقليل من احتمال أن يزيد الانسحاب الأميركي من تدهور الأمور بالنسبة لهم· أولاً: أن نرفق خفض القوات الأميركية بتأييدِ ودعم حضورٍ قوي للأمم المتحدة في العراق، وهي خطوة كان زعيم المليشيا الشيعية مقتدى الصدر قد أعرب عن ترحيبه بها· بعد ذلك، علينا أن نسعى لإشراك إيران وسوريا وغيرهما من القوى الإقليمية في جهود إرساء الاستقرار بالعراق؛ ذلك أن لجميع هذه الدول الكثير مما قد تخسره في حال تفكك العراق وانهار بالكامل· ثم أن نقر بأن مستقبل العراق والصعود المتواصل للتطرف الإسلامي والمشاعر المعادية للولايات المتحدة مرتبطة بالتوتر العربي الإسرائيلي المستمر، ونضاعف الجهود من أجل حل هذا النزاع الطويل· وأخيراً، الترحيب بالعراقيين الفارين إلى الولايات المتحدة· فقد كانت نتيجة الحصص الشحيحة، والتضييقات الغبية بخصوص الأماكن التي يمكن للعراقيين أن يقدموا فيها طلبات الحصول على التأشيرات، حصولَ نحو 200 عراقي فقط تقريباً على حق اللجوء إلى الولايات المتحدة خلال الأشهر العشرة الأخيرة· ولذلك، فعلينا أن نسعى لجعل إجراءات اللجوء أسهل وأسرع· مع ذلك، لم يعجبكم أي من اقتراحاتي؟ حسناً، قولوا إننا سنتشبث بمقاربة البيت الأبيض الحالية· الواقع أن العراقيين يفرون من بلدهم اليوم بواقع 50000 شخص في الشهر؛ وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن العراق سيخلو تماماً من سكانه في غضون 45 عاماً· وتلك إحدى طرق للتخلص من مشكلة العراق· كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©