دار بيني وبين إحدى طالباتي حوار حول التأمين و العمل لدى شركات التأمين فهي مقتنعة بأن ذلك مناف لتعاليم الدين و الإيمان بإرادة الله وبالقضاء والقدر ومناقض للمصلحة العامة فمنه تستفيد الشركات ومساهموها ويتضرر الاشخاص المشاركون مادياً و معنوياً ونفسياً في غالب الأمر· أحترم وجهة نظرها لذا اغتنمت فرصة تواجدي بأميركا لدراسة ومقارنة أنظمة التأمين المتبعة هنا مقارنة بتلك التي لدينا في الامارات· في اميركا ليس لديهم صندوق للزواج الذي تكلف مراسيمه قرابة 27 ألف دولار تتحملها أسرة العروس· ولكن لديهم تأمينا على حفلة الزفاف ومايتبعها من احتفال واحتفاء بالاقتران· هذا التأمين يحفظ للمُوَمِن استرجاع ماتقدم به من مال لحجز قاعة الاحتفال و تكاليف راهب الكنيسة والليموزين والعازفين والمصورين ومأكولات ومشروبات الحفلة· و تسترد شركات التأمين هذا المقدم في أربع حالات وهي : اولا: الانتداب المفاجئ للعريس من قبل وزارة الدفاع الاميركية للسفر إلى العراق ضمن الافواج المتواجدة هناك لحفظ السلام ونشر الديمقراطية· ثانيا: اذا غيّر أحد الطرفين رأية في آخر لحظة و عزف عن الزواج تحاشياً لزيادة معدلات الطلاق فحسب احصائيات عام 2005 بلغ عدد الزيجات الجديدة 7,5 من بين كل 1,000 فرد كما تم رصد 3,6 حالة طلاق من 1,000 لنفس العام· ثالثا: في حالة وفاة فرد من أفراد العائلة على أن تكون صلة القرابة و الرحم على مستوى مشهود به· رابعا: في حالات الكوارث الطبيعية كالزلازل، الطوفان، الأعاصير، موجات البرد أو الحر والفيضانات ولا تشمل تلك الكوارث التي يسببها الانسان مباشرة كالتلوث وهدر الماء والتصحر والجفاف واستنزاف موارد الارض الطبيعية لا من أجل استمرارية البقاء ولكن للثراء· في اميركا لايوجد تأمين صحي تديره الدولة ليشمل الجميع· التأمين الصحي والعلاجي في بلادهم يتوفر لمن استطاع إليه سبيلا من الطبقة الوسطى وأغنياء النخبة ويستثنى الفقراء والمساكين وأبناء السبيل· وبما أن التامين لدينا شامل وعام يشعر المرء بالفخر والخوف· ولقد أثار فيلم أخرجه مايكل مّور مؤخراً ما يضمنه النظام الديمقراطي في بلادهم من خدمات تؤمن سلامة و ترسخ مبدأ كرامة المواطن الاميركي· فبينما تنقص أنظمتنا الصحية الكفاءة التي تفقدنا الثقة وتحثنا على العلاج السياحي تكثر المستشفيات الخاصة تحت شعار ''الصيد في المياه العكرة''· ولو قارنا ذلك بالولايات المتحدة لتجلى لنا أنَّ تقدمهم في مجال العلاج ينافس قمة ايفريست علوا من ناحية إنجازاتها في حقول الأبحاث المتقدمة و تجاربها المختبرية المتفوقة واعتباراتها للطب البديل المهجن الذي جلبة المهاجرون والمسافرون والمجربون والمحبون للطبيعة ومواردها العضوية كدواء· وهناك تأمين يدفعه مالك البيت لتعويضه في حال وقوع كارثة ما تتسبب في هدم منزله و فنائه· و الغريب في هذا التأمين ان المالك لا يؤمن على المنزل فحسب بل على زائريه ففي حال وقوع شخص أثناء الزيارة وحدوث إصابة من أي نوع فإنه بإمكان الزائر العزيز رفع دعوى قضائية وطلب تعويض مادي عن الأضرار التي نجمت أثناء تواجده في المنزل· هكذا يكون النظام الديمقراطي ضامنا لحقوق الإنسان و الشعب طالما ضمنوا حقوق المؤسسات في زيادة أرباحها ونثر فتات تلك الأرباح مع من تسول له نفسه المترقبة لعواقب عدم التأمين· هذا يرسخ نمط العيش و نظام التفكير الذي تسيطر عليه بسهولة وسائل الإعلام و الدعايات التي تملكها وتديرها ذات المؤسسات· ماذا سأقول لتلك الطالبة عن التأمين في الإمارات؟ سيكون سؤالاً أطرحه عليها كفزورة رمضانية سينسيها التعبد في الشهر المبارك عن إجابته و حلوى العيد عن تذكره·