المتسلط، رجل أسس امبراطوريته المكونة من الزوجة والأولاد· والمتسلط فاشل في حياته العملية، راسب في جميع مواد الحياة، ساقط في اللغة، فلا يجد القاسم المشترك بينه وبين أفراد أسرته إلا الغلظة والفظاظة وسوء المعشر· ساقط في الرياضيات، فلا يجيد حساب المكسب والخسارة في علاقته بالزوجة، فهو ساخط، ناقم، رافض لكل سلوك تبديه تجاهه حتى وإن قالت شبيك لبيك، قال عنها إنها امرأة ضعيفة، باردة، ساقط في الجغرافيا، لا يعرف أين مكمن الحب في قلب المرأة، ولا يعرف من أين تنيخ نوق النساء، حباً وشوقاً لرجل تحتاجه في كل الساعات والدقائق والثواني· ساقط في التاريخ، فهو يجهل ساعة الفرحة والسعادة في قلب المرأة، فقط يريدها دائماً سخية عطية في كل الأحوال، حتى وإن هبت الرياح من الشمال، واشتدت العواصف لسبب من الأسباب، قد تكون أسباباً متعلقة بهمٍ شخصي، ساقط في الفيزياء، لأنه لا يعرف عن الوزن في معادلة العلاقة والطاقة، في طاقة المرأة وتحملها لأثقال الأوامر والنواهي، ولا الكتلة، في كتلة الجحيم اليومي الذي يصبه على البيت دون حسابات الخسارات التي تخلفها القنابل العنقودية الساقطة على رؤوس الأشهاد·· ساقط في الكيمياء، فالمعادلة لديه مختلة، والخلطة معتلة، قد يضيف مادة الـ ''تي إن تي'' الى خلطته، فيفجر المكان وتفشل التجربة، وتكون نهايتها الفراق والطلاق·· ساقط في الأحياء لأن فئران تجاربه ستكبر ولا تستجيب للمثير، والمثير الشرطي، وبالتالي تصبح وبالاً عليه وعلى من حوله· بهذا السقوط المروع، فإن المتسلط يفوز بنسبة مئوية ضئيلة، قد لا تفتح له أبواب الالتحاق الى الحياة فيضطر العودة الى الوراء، يعود أدراجه الى الأسرة نفسها، يحملها الخطأ ويوجه سبابته الى ''المجرم'' البريء ليقول له أنت السبب، أنت العناء وأنت اللهب، يقول للزوجة اغربي عن وجهي، ويقول للأبناء انصرفوا بعيداً·· الى الجحيم، فجميعكم أوغاد· المتسلط كائن نشأ نشأة مرضية، بدأ حياته بعقدة لتنتهي بعقد، تتراكم وتتعاظم، فتقتحم حياته القابلة، كما بدأت في الآفلة، يحاول أن يتحرر من أسرها، كلما استعاد وعيه، لكنه سرعان ما يعود باستفاقة يفور فيها تنوره، وتغلي قدوره، فينكب محتدماً كالأسد الهصور، فاتكاً ساخطاً هاتكاً لا يبالي في استخدام شتى وسائل المواجهة من ركل ورفس، وسب وشتم، مستعين بإحساسه الدفين، أنه مظلوم، وانه مهضوم، وانه محروم، وانه مبتلٍ بآفة اسمها الزوجة وعاهات اسمها الذرية· المتسلط فقد ميزان العدالة الداخلي، لأنه يرى في نفسه الكائن الوحيد في كونه الصغير الذي يجب أن يطاع، ولا يعصى له أمر، وأن يُسمع صوته ولا يُكذب له خبر، وأن تلبى إشاراته دون تردد أو تعثر· المتسلط أناني، متكبر، متجبر، يحب نفسه، يضعها في مرتبة الأنقياء الأصفياء والأولياء الصالحين، فسلوكه لا تشوبه شائبة، وتصرفاته سليمة صائبة، وأحلامه سليلة الرؤى الحاطبة في فضاءات الله· المتسلط رهين محبسين، محبس الأنانية، ومحبس الطاعة العمياء، لا يريد أن يسمع ''اللا'' فهو لا يتنفس إلا في المكان الصامت، ولا ينتشي إلا في المكان الساكن الداكن''· المتسلط·· رجل مهيمن، مسيطر، يده ممدودة لإسكات من حوله، وعينه مفتوحة لتخويف المحيطين به، ووجهه مكفهر لإذعان الآخرين، لبطشه وغطرسته·· الرجل المتسلط منفوخ من الخارج، مشروخ من الداخل، وعلى وجنتيه يستقر ضعفه رغم تورمه المصطنع وكبريائه المخترع· هو أسد بقلب نملة، وجبل من أصل رملة·