الشروع في كتابة عمود يومي، كمن يهم بصعود جبل يسير على صخراته حافي القدمين، فالكتابة أمانة والتزام أخلاقي يستدعي احترام الناس الذين نكتب لهم، والذين عاهدناهم، أن نكون صوتهم وهمهم وطموحهم، وما الكلمة إلا كوقع المطر، لسيلها غناء ولنثيثها ثمر، ونحن مدعوون، لأن نضع اللمسات الحانية، على ثمرات هذ ا الوطن المعطاء، والرقي الى مستوى انجازاته التي وقف على ترسيخ اركانها الساهرون على حب الوطن، وعشق ترابه، نحن مدعوون، لأن نحمل رسالة الوطن، ونرفع السارية عاليا، بشفافيه، بحر الخليج، ونقاء صحرائنا، وشموخ جبالنا، وسمو نخيلنا·· نحن مدعوون لأن نكتب للوطن عن الوطن، لأن نغزل، هذه المعجزات على أرضنا بكلمات، لها بريق الامل، وشهيق النابضين، بالجهد والعمل، نحن مدعوون، لطرح وجهة النظر المغايرة، دون مواربة، بكل الجد، لأن حبيبك من صدَقك وليس من صدَّقك، لهذا فان الصعوبة في امر الكتابة ليس في الكتابة في حد ذاتها، وإنما كيف نكتب وماذا نكتب والى من نكتب·· من نافذة مشرعة كهذه، يكون للكلام معنى، وللتواصل مغزى، وللمشاركة في الهم، قاسم، يضعنا جميعا أمام المسؤولية، سواء، فنحن جميعا أغصانها وفروع لشجرة هذا الوطن·· علينا أن نكتب وأن نسرج خيل الكتابة، باتجاه، الحلم، وأن نمنح نوق الكلمات بياضها، ورياضها، وألا نسقط من حسابنا، لحظة الانتباه، للموظف المأزوم من ظلم حاق به، ولا لمحروم عانى ضيق ذات اليد، ولا لمظلوم غضبت عليه الأيام فضاع حقه في ساعة الزحام·· نحن مدعوون لأن نقول، الكلمة مجردة، لانريد من ورائها ثوابا، ولا نخشى، من ارتداداتها عقاباً·· بل يجب أن نقول، ونقول وندع النوافذ مشرعة، للرأي والرأي الآخر، ونتداخل ونتواصل، ونتفاعل، ومن بخور الكلمات نفشي رائحة الانتماء، لوطن واحد، لإنسان يسير على ترابه، يسكنه الحب لهذا الوطن، ويحتويه الشوق، لرفعته ونهضته· نحن مدعوون، لأن نتصالح مع أنفسنا قبل المصالحة مع الآخر، لنسير معه في الطريق، بلا توجس أو ريبة، يدا بيد، وكتفا بكتف لبناء غدنا، غد الوطن وأهله وناسه، مواطنين ومقيمين· نحن مدعوون، لتحريك الساكن في مياهنا الآسنة، واجهاض فقاعاتها الشائنة، وطالما آمنا أن الوطن شجرة نحن الجميع نتفيأ ظلالها، فعلينا ان نشذب ما اصفر من أوراقها، وأن نهذب ما اكفهر من أغصانها، وأن نرتب ما مال من أحوالها· نحن مدعوون لأن نفتح للخيال رافداً، وأن نمنح للسؤال ساعدا، نمده ساعة الحيرة، ونشده لحظة الغيره، ولايستوطننا في السؤال، غير ذاك الشوق، بأن تكون بلادنا هي الارفع والانصع، والاروع، وأن يكون وطننا هو الأول، والأجمل، والأشمل، والأكمل، وأن يكون راحتنا الخضيبة، ومخيلتنا الخصيبة، وساحتنا الرحيبة، نملأ الدنيا بها، نشيداً، ونقول للآتين من أبنائنا، هذا الوطن صنيع الرجال ضعوه في عيونكم، هذا الوطن سليل، الناس النجباء، احملوه على اكتافكم· نقول للمسؤولين في بلادنا لا تغضبوا ولا تقلقوا إن أطفأنا الإشارة الخضراء لفترة وجيزة من الزمن لأننا وفي زحمة السير، لابد أن نتحمل ونتأمل ونتقاسم رغيف الفكرة، ونتحاور، ونتبادل الرأي من أجل غاية أجمل، وهدف أسمى، فالحوار دواء لكل داء، فلا نحن أنبياء ولا أنتم معصومون من زلات الأداء·