لم يكن أكثر المتفائلين العرب يتوقع أن يكون نهائي أمم آسيا الرابعة عشرة عربياً، فكانت كل التوقعات تصب لصالح حامل اللقب الساموراي الياباني ومنافسه التقليدي الكوري وضيفنا الآسيوي الجديد المنتخب الأسترالي وغيرها من منتخبات القوى التقليدية بتاريخها، وتوقعنا أن تكون مشاركتنا العربية هامشية خاصة بالأوضاع التي كانت تعيشها قبل البطولة، وما زاد الطين بلة الخروج العربي الجماعي من الدور الأول، واقتصار تمثيلنا في الدور الثاني على الأخضرين السعودي والعراقي، وهما من واصل مسلسل النجاح والتألق الى اليوم ووصلا معاً الى نهائي الحلم العربي· ومنذ تأهل الأخضرين ونحن في حيرة من أمرنا حول المنتخب الذي نتمنى له الفوز اليوم، ونقف الى جانبه، وبالعامية ''بنشجع من اليوم السعودية ولا العراق''؟ وهو بالفعل سؤال محير، هل نقف مع السعودية لتكسب الكأس الرابعة ونتفرد بلقب الأبطال عن الياباني والإيراني برصيد ثلاثة القاب لكل منهما، وبالتالي يصبح لقب المنتخب الأكثر فوزاً من نصيب العرب، أم نقف معهم بحكم الجوار، على اعتبار أن الأقربين أولى بالمعروف، أم لأنهم الأكثر قناعة بالملعب، والاكثر قدرة من الناحية الفنية، وهو ما أسفرت عنه مبارياتهم وخاصة بدور الثمانية أمام المنتخب الأوزبكي، وفي المربع الذهبي الذي أقصى فيه حامل اللقب الياباني وقضى على آمال منافسه الذي من يحمل الكأس أكثر، أم لانه أكثر الفرق قوة وإثارة ومتعة للجماهير في المباريات التي يلعبها، أم تعاطفاً مع ثورة انقلاب النجوم الصغار على القوى العظمى السعودية في المرحلة المقبلة، بعد تألق عبدالرحمن القحطاني وتيسير الجاسم واحمد الموسى وخالد عزيز ومالك معاذ ووليد عبد ربه، على حساب الشلهوب والمنتشري وغيرهم من النجوم الكبار أصحاب الخبرة، أم لدعم موقف البرازيلي انجوس ضد منتقديه ومن شن حملة شعواء ضده· أم نعتذر لجيراننا وإخوانا السعوديين، ونقول لهم: عفواً أيها الجار، فإننا اليوم سنقف الى جانب أسود الرافدين، دعماً وتعاطفاً معهم وشعبهم المنتظر لبسمة وفرحة غائبة عنه منذ عقود من الزمن، لعل وعسى أن تعيد كأس آسيا الفرحة المفقودة لشعب الرافدين، وتزيح ولو شيئاً بسيطاً من جبال الهموم الجاثمة على صدورهم، ام نقف الى جانبهم لنصرة العزيمة والروح القتالية والإصرار الذي تسلح به المنتخب العراقي، وحقق إنجازاً غير مسبوق من رحم المعاناة والقهر والظلم والقتل والتشرد التي يعيشها شعبهم، أم حباً في ولادة نجم جديد لكأس آسيا· مجرد رأي قد يكون حسم الأمر شائكاً، وصعباً، فهل نقف مع المنطق والمنتخب السعودي، أم مع عواطفنا والمنتخب العراقي، ولكن ألا تتفقون معي على أنه لاخاسر في لقاء اليوم، فسواء حمل السعودي الكأس للمرة الرابعة، اوالعراقي للمرة الأولى فسنكون غاية في السعادة، لأنه في النهاية سيكون اللقب الآسيوي عربياً، والانتصار والفرحة عربيين، وتحيا الفرحة العربية·