بقدر فرحتنا بتأهل منتخب العراق وابتهاجنا بفوزه وإقصائه المنتخب الكوري الجنوبي وتأهله التاريخي لنهائي كأس آسيا كان حزننا وأسانا على العراقيين الذين أهدر العابثون دماءهم، وحولوا فرحهم الى مأتم، كما قتلوا فينا الفرحة، وحولوها الى غصة، وتحولت دموع الفرح الى دموع حزن وأسى على أرواح الشهداء الذين تساقطوا كأوراق الخريف في شوارع بغداد من المأسوف على شبابهم، وليس لهم ذنب سوى تعبيرهم عن حبهم وانتمائهم للعراق وعلمه، وعن الفرحة التي عمت العرب وليسوا هم وحدهم بالتأهل التاريخي، فدوت السيارات المفخخة حشود الجماهير وحولتهم الى جثث متناثرة، ليدوي صداها في قلوبنا المتعاطفة مع شعب الرافدين وقد كنا نعيش معهم الفرحة والبهجة، فالشعب العراقي ومنذ زمن طويل لم يعش فرحة صادقة، ولم تخلق له الظروف مناسبة حقيقية للسعادة وللخروج بأفواج الى الشوارع للفرح، فكان يوم أمس الأول استثنائياً للشعب العراقي بخروج الجماهير للاحتفال والفرحة والتهليل والتطبيل، وهو المشهد الذي لم تألفه شوارع بغداد التي إعتادت مثل هذه المسيرات والأفواج إما لمظاهرات احتجاج وتنديد بقصف حي سكني بأكمله راح ضحيته مئات الأبرياء من الثكالى والأطفال والشيوخ، أو لحمل جثث كدسوها بنعش أو مجموعة نعوش غطاها علم العراق، أو لوداع طلبة مدرسة إبتدائية بكامل طلابها ومدرسيها وعمالها إلى مثواهم الأخير، أو لتسكع مجموعة من العوائل ممن كانوا يسكنون في حي واحد قد أتى عليه قصف أحدث وأغبى المدافع والصواريخ، وسواها بالأرض، فافترش الأطفال والنساء والرجال والشيوخ الشوارع والسكك بعد أن ضاقت بهم السبل، لذا كانت مسيرات أمس الأول مختلفة، لكنها لم تسلم أيضاً من أيادي العابثين الذين شاعوا في العراق فساداً، وأبوا إلا أن تكون لهم وصمة عار على الجماهير التي خرجت للتعبير عن فرحة كانت يتيمة طوال قرابة عقدين من الزمان، وكانت غالبيتهم من الشباب الذين دفعوا أرواحهم ثمناً للفرحة، وخلفوا الى أهليهم وذويهم مزيداً من الألم والحسرة والمرارة· إنها قلوب متجردة من الرحمة، وأيادٍ عابثة، إغتالت الفرحة العراقية في وضح النهار بشوارع بغداد التي حكم عليها ألا تشهد فرحاً، ولتكون مسرحاً للجرائم ضد الإنسانية، وأعمال العنف والقتل، فصبراً أبناء الرافدين وإنا لكم لداعون بأن يفرج المولى همومكم ويخلصكم من قبضة الأعداء والمعتدين والآثمين، ويحرر أرضكم من المحتلين الغاصبين، وأن يرحم شهداءكم ويجعلهم في العليين· مجرد رأي كثير هو الكلام الذي يمكن أن يقال عن المنتخب السعودي مفخرة العرب في المحفل الآسيوي، فالأخضر أكد جدارة وكفاءة مميزة، ونجح في تعطيل الكمبيوتر الياباني، وأثبت أن ملاعب الحجاز أرض خصبة لإنجاب وصنع الأبطال الذين شرفوا بلدهم وشعبهم ووطنهم، وأطلقوا إنذار رعب وتهديد لكل دول القارة، فيه الكثير من معاني التهديد والوعيد بأنه لن يعلوا صوت فوق صوتهم، وإذا كان الأخضر قد خرج في البطولة الماضية من الباب الخلفي فإن عودته القوية اليوم لتعويض ذلك الإخفاق الاستثنائي·