* بدون تشنج وحماسة في غير موقعها كشأن بعض معلقينا الكرويين الذين يريدون أن يثوّروا الأمور الرياضية، ويضعوا من الآخر حد إلغائه تماماً·· وبهدوء وبعقلانية وبعيداً عن العاطفة التي لا تنفع أحداً، كشأن بعض معلقينا الكرويين الذين يصفون لنا الموقعة الوطنية الدائرة رحاها على ملعب جميل أخضر ومضاء ليلاً، وكأنها حرب ذي قار، وكأننا لا نراها، وإذا ما رأيناها ما فهمناها، فقط تلك استهلالة لابد منها، خاصة ونحن نعيش فرح واستحقاق تأهل منتخبين عربيين، ولأن العربي يحب أن يضع كل أشيائه في ''عاروك'' واحد، فهو اليوم مع أخيه على ابن عمه، وغداً مع ابن عمه على الغريب، ولا يحب أن يسمع كلاماً يكدر الخاطر وهو في زهو فرحه، ولا يحب أن يسمع عن شيء يتوقع أن يحدث قبل أن يحدث أمام عينيه، السؤال الافتراضي·· ماذا لو لم تجر الأمور على أعنتها، ولم تجر الرياح بما لا تشتهي السفن، وحدث ما يعكر صفو البطولة الآسيوية بفعل أيدي عربية، وخرجنا عن الروح الرياضية، وجعلنا من المنافسة حرباً حقيقية، ماذا سيقول بعض معلقينا الذي يصلون ركعتين استخارة لهزيمة فيتنام، وركعتي شكر على عدم تأهل اليابان، وركعتي حمد لتأهل العرب وانتصارهم الساحق على الثغور الآسيوية؟ متى سيدرك بعض معلقينا أن ما كان يجري في روما القديمة، لا مكان له من الإعراب في عصرنا· ؟ بدون تشنج أيضاً وبهدوء·· لدينا إشكالية في فهم صحفنا لحالنا، ولا نعرف السبب، هل هي طبيعة ما نشأت وتربت عليه الصحف المحلية منذ ظهورها على أيدي إخوان عرب ومن ثم مواطنين تعلموا منهم ونقلوا عنهم خبراتهم السابقة؟ أو هو سبب آخر مرده الخشية والخوف والتردد وعدم اتخاذ قرار لدى العاملين في صحفنا في تناول موضوع جرى وصار عندنا؟ مثلاً·· يحدث أمر عادي أو حادث ما مثلما يحدث في المجتمعات الأخرى في العالم، فتطمسه بعض الصحف الناطقة بالعربية، فلا يعرف عنه المواطنون الكرام شيئاً، يظهر الخبر نفسه في صحفنا الناطقة بالإنجليزية، فيحدث التناقض، ويكثر القيل والقال، وتتهم الصحف المحلية الناطقة بالإنجليزية أنها لا تمثل الإمارات ولا مجتمعها، وأن لديها نيات خبيثة وأنها تصطاد في الماء العكر، وأنها تريد أن تنشر الغسيل الوسخ، طيب أين كنتم أنتم أيها الناطقون بالضاد عن الحدث؟ لماذا هذه ''الرجفة الاجتماعية''؟ ومن صنعها؟! فصحفنا ''العربية'' أكثر الجهات مطالبة بالشفافية، وهي بعيدة عنها، وبعيدة عن واجبها، مرة حال بعض صحفنا ''العربية'' يقول: أنا أتبع لهذه الإمارة، فما دخلي بما جرى في الإمارة الثانية؟ ومرة أخرى بعض صحفنا تقول: أنا لي هذا الزي الرسمي، فلم أنزعه وأنزل للشوارع والأسواق؟ ومرة أخرى بعض صحفنا تقول: أنا تعبت من المناكفة والمجادلة ودفعت ثمنها غالياً، فلأتركها لغيري·· لقد ولى زمن النضال، وبعض صحفنا العربية المسكينة تقول: الصحف الإنجليزية محد يقولها شيء، هذا حالنا وحالهم·· مثل الفرق بين موظف إنجليزي وموظف هندي، واحد تحترمه، وواحد ''تفتن عليه وتهزبه'' وبعض صحفنا ''العربية'' تتمنى أن تمضي الأيام وتمر الشهور وتنقضي الأعوام دون أن تسمع حادثاً وقع في العاصمة أو أن مشكلة حدثت لمواطن أو أن عمالاً أضربوا مطالبين بتحسين الأجور، تريد أن تعزل هذا المجتمع الذي يكبر والذي يحمل المتناقضات الاجتماعية والاختلافات الثقافية والأعراق، والنمو الاقتصادي الكبير أن يظل كامناً، لابداً، اسفنجياً، لكي تبقى المسائل في السليم، وكل واحد يأخذ راتبه آخر الشهر·· ويا دار ما دخلك شر·