خسائر المنتخب والصورة التي ظهر عليها في بطولة آسيا أحدثت غضباً وحزناً كبيرين في الشارع الرياضي الإماراتي، وفي الحقيقة فإن أداء المنتخب وليس نتائجه توجب وتبرر للغاضبين أسباب غضبهم وحزنهم·· ولكن: فنحن أناس لا توسط عندنا لنا الصدر دون العالمين أوالقبر، وهو بيت الشعر القديم الذي يلخص واقعنا كمجتمع إماراتي، فنحن لا نعرف الوسطية والتعقل في أمورنا الرياضية، تفرحنا أبسط النتائج وتصعد بنا إلى عنان السماء، ونسمح لأنفسنا بالمبالغة في أحلامنا، ونتعامل مع الأمور من منطلق اللامنطق واللامعقول، وعند أول خسارة- وهي واردة في كرة القدم وطبيعية- فإننا نبالغ في النواح والبكاء والصراخ والتشنج، ونخرج أيضاً عن حدود العقل والتعقل هكذا نحن دائماً، وهذا الوضع القائم حالياً والحالة التي عليها نحن الآن هي حالة اعتدناها وتعودنا عليها· بالأمس عندما كان الفوز بكأس الخليج وبنفس المدرب وأغلب اللاعبين الحاليين ونفس الاتحاد الحالي أخذتنا الفرحة إلى أبعد من السماء الأولى، وأشدنا بالجميع وتسابق الكثيرون ممن لهم علاقة أولا علاقة لهم بالمنتخب بنسب الإنجاز لهم، وادعى الكثيرون مساهمتهم في هذا الفوز! اليوم وبعد خمسة أشهر انقلب الجميع على المنتخب وعلى مدربه وعلى الاتحاد وتبرأ الجميع من الإخفاق· بالأمس لم يرغب الجميع في الاستماع لصوت العقل واللمنطق الذي يقول: إننا لسنا أفضل فريق في بطولة الخليج رغم أننا فزنا بها ولم تشأ الأغلبية الإقرار بحقيقة أن مستوانا الفني في تلك البطولة يأتي في المركز السادس بعد عُمان والبحرين والسعودية والعراق وقطر ثم منتخبنا، فقد خدعنا الفوز بالبطولة وأعمانا عن مشاهدة الحقيقة وقاد الفوز بالبطولة بعضنا إلى تخيل بطولات أكبر خلافاً للواقع· بالأمس قال الكثيرون: إننا نحتاج لعمل كثير وجهد أكبر للتطور، وحذر البعض من الانخداع بنتيجة كأس الخليج، ولكننا أصررنا على المكابرة وتعمدنا عدم الاستماع لأصوات العقل وفضلنا العيش في الأحلام، وما نسمعه الآن من عويل ونواح وبكاء نتيجة عدم المنطقية في قياس الأمور وعدم الواقعية التي تعيشها ساحتنا الرياضية، فالأخطاء موجودة سواء من المدرب أياً كان ميتسو أوغيره نسكت عنها عند الفوز وننتقدها عند الهزيمة، وانتقادنا للاعبين ليس جديداً وعلاتهم نعلمها نغض الطرف عنها اذا فازوا ونبالغ في العطايا لهم ونعيبهم ونعيب مستواهم وسلوكهم عند الخسارة، وعمل اتحاد الكرة نعرف الصحيح منه ونمتدحه ونبالغ في المديح ونفخ الأشخاص ونعرف الخطأ وندارس عليه، بل نظهره على أنه عين الصواب· أخيراً نقول: لا للتعامل مع نتائج آسيا بمنطق ردة الفعل وبالانفعالات الوقتية، بل علينا الارتقاء بأنفسنا لنستطيع تقويم الأمور بشكل صحيح وبأسلوب علمي لا بأساليب الجماهير المنفعلة، لأننا جربنا كثيراً القرارات الافنعالية ولم تكن يوماً في صالح رياضتنا، ولكن هكذا نحن منذ القدم ومنذ عرفنا كرة القدم، لسنا صادقين مع أنفسنا ولا نحب سماع صوت العقل الذي أراه الآن يقول: لا للانفعال، نعم لإعادة تقويم الأمور بالعقل· عبد الرحمن لوتاه