قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''رأيت قوما من أمتي على منابر من نور، يمرون على الصراط كالبرق الخاطف، نورهم تشخص منه الأبصار، لا هم بالأنبياء ولا هم بالصديقين ولاهم بالشهداء، إنما تقضى على أيديهم حوائج الناس''· هذا الحديث الشريف رأيته مطبوعا على ورقة وضعت قرب مكتب موظف بإحدى دوائر العاصمة ساقتني الظروف اليه· وقد كان غائبا عن مكتبه لأكثر من ثلاثة أرباع الساعة· وفي اثناء غيابه كانت أعداد المراجعين تتزايد· وجلست افكر في أمثاله ممن يرفع حديثا شريفا، ولا يعمل بما جاء فيه· وبعد تلك ''اللطعة'' أطل علينا ولم يستغرق منه تفريق الجمع الذي احتشد في المكتب الضيق سوى بضع ثوان بفعل العبارة السحرية إياها ''مروا علينا الاسبوع الياى''!· يستنزف منك البحث عن موقف لسيارتك قرب البرج الذي تقبع بين طوابقه الجهة المعنية، وبعد جهد جهيد تعثر على ضالتك، تنتظر المصعد الذي يئن هو الآخر من كثرة المراجعين، ليصعد بك الى حيث الموظف المسؤول عن انجاز المعاملة، فلا تجده وعليك الانتظار قرب اللوحة الملصق عليها الحديث الشريف، في مشهد يختزل الحال الذي وصلنا اليه، لأن افعالنا غير وما أمرنا به غير ! وغير بعيد من المكان شاهدت أوراقا اخرى ملصقة على الجدران، تتوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن يلجأ للواسطة او يتبناها من الموظفين، فتترسخ لديك النظرة نحو هذه النوعية من الموظفين وافعالها في تعطيل مصالح الناس· وعلى الأقل ناقل هذه المشاهد وجد موظفا يقول له وبقية المراجعين ''راجعونا الاسبوع الياى''، فما بالك بمن يقال له ''معاملتك في السيستم، الله يعلم متى بتنطلب''!!· ويظل متلقى الجواب في حيرة من أمره، ولا يدرى ما يفعل بهذا الرد ''الهلامي'' الذي يتطلب ''قرصانا أو هاكر'' ينفذ الى قلب ''السيستم'' ليعرف الى أين تسير معاملته أو يعيد توجيهها· ولهذه النوعية من الموظفين لا نقول سوى ''اتقوا الله في حوائج الناس''·